البكاء من خشية الله من مكفرات الذنوب

البكاء من خشية الله من مكفرات الذنوب

كتب : اللواء
سلط د.علي عبد الباسط مزيد الأستاذ بجامعة الأزهر، الضوء على أثرٍ للصحابي الجليل فرقد بن يعقوب ،حيث قال : “إن العبد إذا بكى من خشية الله، تحاتت عنه ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولو أن عبدًا جاء بجبال الأرض ذنوبًا وآثامًا، لوسعته الرحمة إذا بكى ، وإن الباكي على الجنة لتشفع له الجنة إلى ربها، فتقول: يارب، أدخله الجنة كما بكى عليّ . وإن النار لتستجير له من ربها فتقول: يا رب أجره من النار كما استجارك مني، وبكى خوفًا من دخولي “.
وأوضح د.مزيد ، خلال برنامج ( مع الصحابة والتابعين ) ، الفضائل التي يحظى بها من بكي خشيةً من الله ،وطمعًا في جنته ،وخوفًا من ناره، فقد مدح القرآن الكريم هذا الصنف من الناس في أكثر من موضع من القرآن الكريم، قال تعالى : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (الزمر:٩)} ، كما قال الله عز وجل :{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (السجدة:١٦)}.
وفي السياق ذاته استشهد د.مزيد بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ، حيث قال : ” إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء منادٍ ينادي بصوت يسمع جميع الخلائق : سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت : تتجافى جنوبهم عن المضاجع الآية فيقومون وهم قليل ، ثم يرجع فينادي: أين الذين كانوا : لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله الآية ، فيقومون وهم قليل ، ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانوا يحمدون في السراء والضراء ، فيقومون وهم قليل ، ثم يحاسب سائر الناس”.
وأضاف العالم الأزهري أن العبد تتساقط ذنوبه حتى لا يصبح عليه سيئة واحدة ، مهما عظمت وتكاثرت ، والجنة والنار كلاهما سيشفعان له ؛طالما بكت عيناه من خشية الله ، بعد شعوره الشديد بالتوبة والندم ، فقد قال رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلم- : “الندمُ توبةٌ” ، والله سبحانه وتعالى يمحو ذنوب التائبين والمنيبين إليه ، قال تعالى : {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (الفرقان :٧٠)}، وهذا محض فضل من الله تعالى.
واختتم د.مزيد حديثه بالتأكيد على أن البكاء من خشية الله دليل على خشوع القلب ، ورقة الطبع ، مشيرًا إلى أن ليس كل أحدٍ يبكي من خشية الله ، فهناك أصحاب القلوب القاسية المتحجرة ، والدموع المتجمدة التي لا تعرف طريقًا للسيل خوفًا من الله.