أخبار عاجلةشؤون عسكرية

نصرأكتوبر1973والجبهة الداخلية .. المدارس تعلق الدراسة والسينمات تتبرع بإيراداتها للمجهود الحربي

حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»

نصرأكتوبر1973والجبهة الداخلية .. المدارس تعلق الدراسة والسينمات تتبرع بإيراداتها للمجهود الحربي

نصرأكتوبر1973والجبهة الداخلية .. المدارس تعلق الدراسة والسينمات تتبرع بإيراداتها للمجهود الحربي
نصرأكتوبر1973والجبهة الداخلية .. المدارس تعلق الدراسة والسينمات تتبرع بإيراداتها للمجهود الحربي

كتب : اللواء

نتحدث عن اكتوبر 73 والجبهة الداخلية فنصر حرب أكتوبر ملحمة كبرى خاضها الجيش المصري وقدم فيها الجندي بطولات سطرها التاريخ في كتبه الرسمية وغير الرسمية. ولكن على الجانب الآخر كان هناك شعب يعيش في المدينة، وكانت هناك صحافة تهتم بأخبار هذا الشعب.

وبغض النظر عن تماس كل الأخبار والتقارير والتحقيقات مع الحرب التي لم يكن يعلو صوت فوق صوتها، إلا أن رصد ما عاشه وعايشه وتحمله أبطال الجبهة الداخلية من أجل الانتصار كان كبيراً، فكان انتصار عسكري في سيناء، وكان انتصار إنساني في الحياة العادية.

صحافة اليوم الذي تلى يوم العبور مباشرة كانت عبارة عن معزوفة سيمفونية غير مكتملة. فالحرب على الجبهة لازالت دائرة، وما يتوفر لدى الصحفيين القليل للغاية. إلا أن صحيفة كبيرة كالأهرام سيرت صفحاتها بشكل متوازن بين أخبار الحرب وأخبار الحياة العادية للناس.

فجعلت صفحتها الأولى كعادتها في ذلك الوقت بانوراما للحدث الجلل وكل انعكاساته على الحياة العامة، وخصوصا فيما يتعلق بمسألة بيع اللحوم في يومين فقط وهما (الخميس والجمعة)، وكذا انتهاء العمل بالمحلات العامة في الساعة 11 مساءً، وتحديد كميات البنزين المنصرفة للسيارات، وإيقاف الدراسة بالمدارس الابتدائية والإعدادية.

أما في الصفحة الأخيرة يوم السابع من أكتوبر نشرت الجريدة خبرا بعنوان “الليلة موعدك مع فاتن حمامة في أول أفلامها التليفزيونية، ويقول نص الخبر إن التليفزيون يقدم الليلة في الساعة العاشرة مساء أول فيلم من الأفلام الثلاثة التي مثلتها فاتن حمامة خصيصا للتليفزيون، وهي “أريد هذا الرجل” و”ساحرة” و”أغنية الموت” وهي عن أعمال للأديب الكبير توفيق الحكيم، وإخراج بركات، وشاركها أحمد مظهر بطولة الفيلم الأول المنتظر عرضه يومها.

وبنظرة عامة على صحافة الأيام القليلة التي تلت حرب أكتوبر، وجدنا أن أول من تبرع بالأموال لصالح المجهود الحربي كانت “سينما القاهرة”، وذلك في إعلان نشرته جميع الصحف تقريبا، أما نص الإعلان فكان: “لقد أعطتنا مصر الكثير.. في هذه الأيام التي تمر بها البلاد تعلن إدارة سينما القاهرة بأن جميع الإيرادات خصصت للقوات المسلحة”، واختتمت الإعلان بآية “إن ينصركم الله فلا غالب لكم”.

استمرت إعلانات وأخبار التبرعات للمجهود الحربي حتى جاء يوم 18 أكتوبر، وتحديدا في يمين الصفحة

الثانية من جريدة الأخبار ليعلن عرابي وكيل الفنانين عن سهرات ليالي رمضان بمسرح مترو بول، ليقدم أكبر حشد من الفنانين وفي مقدمتهم أحمد عدوية، على أن يكون الإيراد لصالح المجهود الحربي أيضا، وللمفارقة كان سعر التذكرة وقتها 16 قرشا.

بداية من اليوم العاشر للحرب فكرت الحكومة المصرية في فكرة مبتكرة لزيادة الإنفاق العسكري، لاسيما أن المعارك كانت على أشدها في الجبهة، فطرحت “سندات الجهاد”.

الإعلان الذي وزع على الصحف كافة يوم 16 أكتوبر كان نصه: “أخي المواطن.. قواتك المسلحة على جبهة النصر تدفع ضريبة الدم من أجل حريتك ومن أجل حياة كريمة لأبنائك.. فلنكن جميعا على مستوى الموقف ولنساندها بالاكتتاب في (سندات الجهاد). فائدتها السنوية 4.5% ومعفاة من جميع الضرائب ولا يجوز الحجز عليها ومدتها 10 سنوات”.

ويضيف الإعلان: “تصدر بفئات 50 قرشا، جنيها، 5 جنيهات، 10 جنيهات، 100 جنيها. ويتم الاكتتاب عن طريق البنك المركزي والبنوك التجارية وفروعها في جميع أنحاء الجمهورية”.

لاشك أن مصر وقتها كانت في وضع اقتصادي حرج. فهي أمام شقي رحى، وضع داخلي غير مستقر اقتصاديا، ووضع على الجبهة غير مستقر عسكريا أيضا. لم تكن الحكومة تعرف متى ستنتهي حرب التحرير، التي تأخذ في طريقها الملايين يوميا في ظل ميزانية ضعيفة في الأساس، لذا كان من الضروري تفعيل بعض الإجراءات الاقتصادية، لاسيما على السلع التي سميت اليوم بـ “السلع الاستفزازية”، مثل السجائر والبيرة وأصناف النبيذ.

كان العقل وقتها يحكم. فلم تكن الحكومة جائرة مثلا على صغار الملاك أو التجار الذين تقل أرباحهم عن الـ 500 جنيها، فقد كانوا معافين من الضرائب الجديدة (ضريبة الجهاد) التي فرضت فقط على بعض السلع.
نشرت الصحف وقتها الأسعار الجديدة للسجائر، فيقول المتن الذي وزع على صحف يوم الـ 14 تقريبا إن المهندس إبراهيم سالم محمد وزير الصناعة أصدر عدة قرارات بتحديد أسعار بعض السلع الصناعية تنفيذا لأحكام القانونين 119 و120 بفرض “ضريبة جهاد” لإشراك المواطن في أعباء المعركة.

وتحددت أسعار بيع سجائر الكليوباترا ونفرتيتي (20 سيجارة) بـ 256 مليما.

وقتما كانت معركة الدبابات تشتد، كانت صحيفة الأهرام تنشر صفحة كاملة عن دخول مصر عصر الحاسبات الإليكترونية الجبارة، وفقا لإعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وأكد التقرير أن أضخم الحاسبات الإلكترونية في العالم الثالث بدأ في العمل بالفعل.

كما نشرت الجريدة أيضا خبرا عن لجنة دولية تدرس فلسفة العارفين بالله في القاهرة، وهي لجنة مكونة من أشخاص بهيئة الآثار المصرية وعددا من علماء اليونسكو.

من بين مئات صفحات الجرائد والمجلات بزمن أكتوبر عدد هائل من الإعلانات، منها مثلا إعلان لفيلم للمخرج الكبير (حاليا) وودي آلان، والذي كان وقتها (الوجه الكوميدي الجديد)، حسب الإعلان، الذي نُشر في يوم 15 أكتوبر، ليؤكد عرض فيلم “مغامرات عبيط” في سينما رويال بالإسكندرية، مذيلا بجملة “عندما يفشل العبيط في الحب.. ماذا يفعل؟”.

الفيلم المذكور هو “play it again, sam”، وهو من إنتاج 1972، وإخراج هيربرت روس، وبطولة ديان كيتون وتوني روبرتس وجيري ليسي، وعُرض في السينمات الأمريكية في مايو من نفس عام إنتاجه، أي قبل نحو سنة ونصف من عرضه في مصر.

إعلان آخر على صفحات الجرائد يشير إلى عرض مسرحية “مدرسة المشاغبين” على مسرح الحرية بشارع الشيخ ريحان، والتبرع بإيراد يوم واحد لصالح المجهود الحربي، وكذلك فعلت مسرحية “افتح يا سمسم” لجلال الشرقاوي التي كانت تقدمها فرقة عمر الخيام المسرحية، محمد رضا وليلى طاهر وسيد زيان.  

وبعيدا عن الفن فإن المصريين كانوا يفخرون دوما بالصناعة المحلية، ولأن الراحل جمال عبدالناصر اهتم بالتنمية التكنولوجية، فأنشأ مصنع نصر، الذي قدم للمصريين عشرات المنتجات الكهربائية، ومنها التليفزيونات. ولكن هل تصدق عزيزي القاريء أن سعر التليفزيون “نصر/ فري كاب” الـ 17 بوصة، عام 1973، بلغ 92 جنيها؟.

نعم، الرقم صحيح وموجود في إعلان صحفي يوم التاسع من أكتوبر، بعنوان “هدية رمضان”، أما عن مواصفات التليفزيون فيؤكد الإعلان أن معظم مكوناته فرنسية، وألوانه جذابة، وصورته نقية وصوته واضح ويناسب كل الأذواق. هذا التليفزيون كان يباع في محلات شاهر سانترليك. 

وفي باب الوظائف الخالية، رصدنا إعلان لوظيفة ممثلين في فدائيون ش عماد، بـ 6 شارع جلال أمام سينما بيجال، وبالبحث عن المغزى من “فدائيون ش عماد” لم نصل إلى معنى واضح لها.
وفي مجلة “صباح الخير” كانت حكاية غريبة عن سيدة في الشرقية تحمل صاروخا في “قُفة”، وفي جريدة “الأخبار” سطور قليلة عن تظاهرة من رجال القضاء إلى فخري عبدالنبي وزير العدل وقتها يطلبون فيها التبرع بجزء من رواتبهم للمجهود الحربي. 

من خوارق الكتابة، ما كتبه أحمد رجب في بابه العتيد “نص كلمة” في جريدة الأخبار أيضا، حيث وصف ما حدث في أرض المعركة كما يصف مباراة كرة قدم، فقال: “بلغة الكورة.. وبدأت المباراة بضربة جزاء قاتلة في الإسرائيليين بعد الدقيقة الأولى من اجتياز الفريق العربي لخط الدفاع الإسرائيلي، واستمر الهجوم العربي في تسديده المستمر ليحرز أهدافه، ويكشف عن الافتقار إلى اللياقة والنفس الطويل عند الإسرائيليين الذين راحوا يتساقطون على الأرض، مما اضطرهم إلى الاستعانة بالحكم الدولي مطالبين بتطبيق القرار 242، أي طريقة 2 – 4 – 2، وقال أحد الإسرائيليين معلقا على ذلك: لقد كنا فريق سانتوس الذي لا يقهر، ولكننا فوجئنا هذه المرة بأننا أمام فريق (سام – توس) العربي”.

وفريق سانتوس هو الفريق البرازيلي الشهير الذي لعب له أسطورة الكرة بيليه، وقابل النادي الأهلي عام 1972، وهزمه بخماسية نظيفة. أما ما يقصده رجب بـ (سام – توس)، فهو تلاعبٌ باسم الفريق البرازيلي، للتركيز على لفظة (سام) التي تذكر العدو بمنظومة صواريخ (سام 6) السوفيتية للدفاع الجوي، التي كان لها مفعول السحر في صد هجمات الصهاينة على العمق المصري أثناء حرب الاستنزاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى