الأمن الثقافى (25) بين ثقافة الاستشراق والترجمة العكسية شامبليون وابن وحشية أيهما اسبق فى ترجمة الهيروغليفية .. بقلم محمد نبيل

الأمن الثقافى (25) بين ثقافة الاستشراق والترجمة العكسية شامبليون وابن وحشية أيهما اسبق فى ترجمة الهيروغليفية .. بقلم محمد نبيل

كتب : اللواء
نستكمل الحديث عن سبق العرب فى الترجمة إلى العربية من المصرية القديمة…..
وابن وحشية هو أول من حدثنا عن أنَّ رموز الكتابة واللغة الهيروغليفية هي رموز صوتية، وترجم مؤلفه “شوق المستهام” إلى الإنجليزية وطبع الكتاب المترجم فى لندن عام 1806 يتضمن النصين ، الأول العربى “المخطوط” فى 136 صفحة ، والثانى الانجليزى فى 54 صفحة، من تحقيق المستشرق النمساوي “جوزف همر”.
كما نُشر وتُرجم ذات الكتاب “شوق المستهام” باللغة الفرنسية “سلفستر دى ساسى” فى باريس 1810
وغير كتاب “شوق المستهام” كان لابن وحشية أكثر من خمسين مؤلفاً فى فروع العلم أهمها فى الكيمياء والفلك والزراعة، كما أشار إليها “ابن النديم” في “الفهرست” منها: كتاب (الأصول الكبير)، وكتاب (الأصول الصغير)، وكتاب (السموم)، و(كنز الحكمة)، و(ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ) وهذه كلها في الكيمياء.
وفى علوم الفلك: (أسرار الكواكب)، (ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻋﻄﺎﺭﺩ)، (سدرة المنتهى)، (ﺧﻮﺍﺹّ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﳌﻌﺪﻧﻴﺔ)، (ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ)،.
وفى الزراعة :(ﻋﻠﻞ المياة ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺟﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻃﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ المجهولة ﺍﻷﺻﻞ) .
ولم يكن ابن النديم وحده من جاء بذكر ابن وحشية النبطى، بل العديد من المحققين فى كتب ومؤلفات التراث قد ذكرو اسمه ولم ينكروا جهده العلمى فى اكتشاف رموز اللغة المصرية القديمة ووثقوا ذلك فى مؤلفاتهم ومنهم: محمد فارس “موسوعة علماء العرب والمسلمين” وباقر أمين الورد “معجم علماء العرب” ومحمد حسان الطيان “اكتشاف مخطوطات علم التعمية” ويحى ﻣﻴﺮﻋﻠﻢ “ﺍﺑﻦ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻄﻲ ﻭﺭﻳﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﻛﺸﻒ ﺭﻣﻮﺯ هيرﻭﻏﻠﻴﻔﻴﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺷﻮﻕ المستهام في معرفة ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻷﻗﻼﻡ) بحث منشور بمجلة مجمع اللغة ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪﻣﺸﻖ – ﺍلمجلد (79) ﺍﳉﺰﺀ (4).
… كما دارت فى 2017 ندوة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب بالمقهى الثقافى فى يومه الثالث بعد الافتتاح ناقشت الكاتبة سلوى بكر «من كتابات الأقدمين» كتاب «شوق المُستهام فى معرفة الرموز والأقلام» لـ «ابن وحشية النبطي» وتحدث فيها د. حجاجى إبراهيم أستاذ الآثار والفنون بجامعة طنطا، واستهل كلمته بالتأكيد على أن الكتاب موضوع المناقشة الذى كُتب فى العصر العباسى، ويُوضح المُصطلحات الهيروغليفية والهندية وغيرها وما يُقابلها بالعربية.
ويمكن ان نعتمد على ما توصل اليه الباحث الدكتور عكاشة الدالي بعنوان “اكتشاف العلماء العرب في العصور الوسطى لمغاليق الكتابات المصرية القديمة”: … ويتمثل الإنجاز الرئيسي لابن وحشية في مجالين: أولاً تعرفه على عدد كبير من حروف الكتابة المصرية مع توصله إلى القيمة الصوتية الصحيحة لبعضها، ثانياً: وهو الأهم توصله إلى أن بعض الأشكال الهيروغليفية هي مخصصات تستخدم لتحديد المعاني وقد أورد الكثير منها مع معانيها التي ثبت صحة معظمها حين مقارنتها بقائمة علامات جاردنر “.
والكثير من الدلائل والاسانيد العلمية التى توثق علميا وتاريخيا أن ابن وحشية النبطى كان الأول والأسبق فى فك رموز اللغة المصرية القديمة، بأكثر من الف عاما تقريبا من شامبليون، والحقيقة أن “ابن وحشية” لم يكتشف “حجر رشيد” لكنه اعتمد على دراسة ومقارنة العديد من النقوش والبرديات المصرية القديمة.
ويؤكد ما سردناه آنفاً ما جاء فى كتاب فهمي خشيم “العرب والهيروغليفية”، نقلاً عن محمد رشدي المصري (1338 هجرية): “سبق العرب علماء أوروبا في حل رموز الخطوط القديمة وترجمة كتبها إلى العربية، ولا أخال أن أوروبا توصلت إلى حل رموز الآثار والوقوف على علوم من سبق من الأمم إلا بواسطة كتب العرب وترجمتها إلى لغتهم”.
ويستطرد:” … فمن ذلك ما رأيته بعيني وطالعت فيه بنفسي، وهو كتاب “شوق المستهام إلى معرفة رموز الأقلام” لأحمد بن وحشية النبطي… وهنيئاً لعلماء أوروبا الذين ترجموا هذا الكتاب إلى لغتهم، فقد ترجمه الإنجليز منذ مائة وعشرين سنة، ووقفوا بواسطته على آثار الأمم الماضية… فأعمال المستشرقين ووقوفهم على حل رموز الآثار ما هي إلا نتيجة بحثهم في هذا الكتاب ووقفهم عليه وإخفائه عنا حتى لا نسبقهم”.
وقد أدلل فضلا عما سردته من أسانيد، بحجة أخرى وهى أن جون شامبليون لم يكن منفردا فى بحثه على اللغة المصرية القديمة وإنما كان قبله محاولات عدة عند اكتشاف حجر رشيد عام 1799 الذى يحمل نصًا متوازيًا بالهيروغليفية…
ونستكمل فى القادم ان شاء الله.