
فضل الشهادة ومكانتها

كتبت : منا احمد
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا..
وصفقة الشهداء عند الله تعالى رابحة وتجارتهم ال ،تبور، حيث يقول الحق إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُعْلَمُ [يُجْرَح أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللهِ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُعْلَمُ فِي سَبِيلِهِ – إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ). والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون كما أنهم أحياء في ذاكرة الأمم والأوطان لا تُنسى بطولاتهم، ولا تنكر تضحياتهم، يقول سبحانه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيل اللهِ أَمْوَات بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لا تَشْعُرُونَ)، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم) لجاير بن عَبْدِ اللهِ (رضي الله عنهما) حينما استشهد والده (رضي الله عنه: (أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ الله بِهِ أَبَاكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ : مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا) – أي : من غير حجاب – فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنْ عَلَيَّ أَعْطِكَ)، قَالَ: يَا رَبِّ، تُحْيِينِي فَأَقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ) قَالَ: وَأَنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأَحَدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلَّ الْعَرْشِ)».
صفات الشهيد
صفات الشهيد الحق: «الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين لا شك أن الشهيد الحق هو من صدق انتماؤه إلى دينه ووطنه فضحى من هي العليا فَهُوَ فِي أجل ذلك بالغالي والنفيس كما أنه شهم حر يأبى الدنية، ويرفض المذلة والهوان حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (مَنْ) قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ . سبيل الله)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ أَوْ دُونَ دَمِهِ أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ)».
«نحن إذ نحيي في هذه الأيام المباركة، ذكرى نصر أكتوبر المجيد، حيث سطر جنودنا البواسل أسمى معاني البطولة والفداء والتضحية، فنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة، فإنما نجدد في أنفسنا معاني التضحية والفداء والإخلاص لهذا الوطن العظيم. اللهم احفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين».
يومُ الشهيدِ وتاريخُ الشهداءِ العظامِ
الحمدُ للهِ القائلِ في مُحكمِ التنزيلِ: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾( الأحزاب:23)، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حديثِ عبدِاللهِ بن عباسٍ رضى اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي )، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِه الأخيارِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلي يومِ الدينِ .أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران :102.
الشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ
بدايةً الشهادةُ مِن أعظمِ الرتبِ، وأعلاهَا، وأشرفِهَا ومِن أنفسِ المقاماتِ، وأحسنِهَا، وأبهاهَا؛ لِمَا لأهلِهَا عندَ اللهِ جلَّ وعلا مِن الأجرِ العظيمِ، والثوابِ الجزيلِ، والدرجةِ العاليةِ، والشهادةُ في سبيلِ اللهِ اصطفاءٌ مِن اللهِ جلَّ جلالهُ وتقدستْ أسماؤهُ واجتباءٌ ليستْ لجميع البشرِ، فالشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ يختصُ اللهُ بها مَن يشاءُ مِن عبادهِ قال جلَّ وعلا: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾(آل عمران: 140)، وكيف لا ؟ والشهداءُ في المرتبةِ الثالثةِ بعدَ النبيينَ والصديقينَ، كما قالَ ربُّنَا: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (النساء:69(، والشهادةُ في سبيلِ اللهِ تجارةٌ رابحةٌ لن تبورَ، ولمَ لا ؟! وقد علّقَ اللهُ عليها مغفرةَ الذنوبِ، والنصرَ في الدنيا والنجاةَ مِن النارِ والفوزَ بالجنةِ في الآخرةِ، قالَ جلَّ وعلا: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ [سورة التوبة: 111] لمّا سمعَ أعرابيٌّ هذه الآيةَ، قال: كلامُ مَن هذا؟ فقالوا: كلامُ اللهِ فقالَ: على مَن نزلَ؟ فقالوا: على مُحمدٍ بنِ عبدِ اللهِ ﷺ فقال الأعرابيُّ: اذهبُوا بِي إليهِ، فذهبُوا بهِ إلى المختارِ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ إنْ بعتُ نفسِي ومالي أدخلُ الجنةَ؟ فقال النبيُّ ﷺ: نعم، إنْ قُتلتَ في سبيلِ اللهِ وأنتَ صابرٌ، محتسبٌ مقبلٌ غير مدبرٍ فنادَي منادِي الجهادِ أنْ يا خيلَ اللهِ اركبِي، فالتحقَ بجيشِ المسلمين، وجاهدَ في سبيلِ اللهِ، وانتصرَ الجيشُ، وجاء دورُ الغنائمِ، انتبهُوا يا مسلمون فلمَّا أُوتِي لهُ بنصيبِهِ مِن الغنائِم قال: ما هذا ؟ قالوا: نصيبكَ، فقال الرجلُ: ومَن الذي أرسلكُم بهِ؟ فقالوا: رسولُ اللهِ ﷺ، فقال: اذهبوا بِي إليهِ، فلمَّا مَثُلَ بينَ يدَيِ النبيِّ المختارِ ﷺ وضعَ نصيبَهُ أمامَهُ، وقال: يا رسولَ اللهِ ما على هذا اتبعتُك ؟ فقال له النبيُّ المختارُ ﷺ علام اتبعتنِي ؟ فقال الرجلُ :على أن أُرْمَي بسهمٍ هاهنا فيخرجُ مِن هاهنا فأقتلُ في سبيلِ اللهِ .فقال النبيُّ المختارُ ﷺ: ( إنْ صدقتَ اللهَ صدقَك )، فنادي منادِ الجهادِ أنْ يا خيلَ اللهِ اركبِي فنزلَ الرجلُ المعركةَ، فضُربَ بسهمٍ في المكان الذي أشارَ إليه بيدهِ للمصطفَي ﷺ فسألَ النبيُّ ﷺ عنه فقالَ أهو هو ؟ فقالوا نعم فقالَ النبيُّ المختارُ ﷺ اللهُمّ أنّي أشهدُكَ أنّهُ ماتَ شهيدًا وحملَهُ النبيُّ ﷺ بين يديهِ، ثم قال صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ)) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (سورة الأحزاب: 23 .
والشهادةُ الحقيقيةُ ما كانتْ خالصةً لوجهِ اللهِ الكريمِ كما في حديثِ أبي موسَى الأشعرِي رضى اللهُ عنه قال: قالَ أَعْرَابِيٌّ للنبيِّ ﷺ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، ويُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَن في سَبيلِ اللَّهِ؟ فَقال: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ الله) صحيح البخاري.لذا مَن سألَ اللهَ الشهادةَ بنيةٍ صافيةٍ كان مِن أهلِها وإنْ ماتَ على فراشِهِ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديث سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ،وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ » صحيح مسلم)
الشهيدُ عندَ اللهِ وفضائلُهُ
الشهيدُ مَن ماتَ في سبيلِ اللهِ، والشهيدُ مَن قَاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا، والشهيدُ مَن ماتَ للمحافظةِ على وطنهِ وأرضهِ وعرضهِ، والشهيدُ هو الذي يأبَى الدنيّةَ في دينهِ، ويَرفضُ المذلةَ والهوانَ، فاللهُ – جلَّ جلاله – جعلَ العزةَ للمؤمنين، فإذا حاولَ أحدٌ أنْ يستذلَّكَ فدافِع، إذا حاولَ أحدٌ أنْ يجتاحَ حقكَ فقاوِم، إذا حاولَ أحدٌ ضياعَ وطنِكَ فجاهِد، فالشهيدُ هو مَن قُتِلَ دفاعًا عن دينهِ أو نفسهِ أو أهلهِ أو عرضهِ أو مالهِ، والوطنُ فيه الأهلُ والعرضُ والمالُ، فالدفاعُ عنه مِن أكرمِ الطاعاتِ منزلةً، وأرفعهَا مكانةً، وأكثرهَا بذلاً وعطاءً، وأخلدهَا ذكرًا وثناءً، وقد كان عليه الصلاةُ والسلامُ أسرعَ الناسِ إلى الدفاعِ عن وطنهِ، والذودِ عنهُ، فحينَ فزعَ أهلُ المدينةِ ذاتَ ليلةٍ، انطلقَ الناسُ نحوَ الصوتِ، فتلقاهُم رسولُ اللهِ ﷺ راجعًا، وقد سبقَهُم إلى الصوتِ، والشهيدُ الحقُّ مَن ماتَ في سبيلِ اللهِ دفاعًا عن دينهِ وطنهِ ودفاعًا عن عرضهِ أو دفاعًا عن مالهِ فعن سعيدِ بنِ زيدٍ رضى اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ )مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ ( رواه الترمذي، وسببُ تسميةِ الشهيدِ شهيدًا:ــ للعلماءِ في ذلك أقوالٌ شتَّى منها :قيلَ: لأنَّهُ حيٌّ، فكأنّ أرواحَهُم شاهدةٌ أي حاضرةٌ. وقيلَ: لأنّ اللهَ ورسولَهُ وملائكتَهُ يشهدونَ له بالجنةِ ، وقيل: لأنَّه يشْهَدُ (يَرى) عندَ خروجِ روحهِ ما أُعدَّ له مِن الكرامةِ، وقيل: لأنَّه يُشْهَدُ له بالأمانِ مِن النارِ. وقيل: لأنَّ ملائكةَ الرحمةِ تشهدهُ عندَ موتهِ. وتشهدُ له بحسنِ الخاتمةِ، وقيل: لأنَّهُ يشاهدُ الملائكةَ عندَ احتضارِه، وقِيلَ لأنَّ اللهَ يشهدُ له بحسنِ نيتهِ وإخلاصهِ، وقيل: لأنَّهُ الذي يشهدُ يومَ القيامةِ بإبلاغِ الرسلِ، وها هو نبيُّنَا ﷺ في يومٍ مِن الأيامِ يطرحُ علي أصحابِهِ سؤالًا ليغيرَ المفاهيمَ ، ليصححَ الأمورَ، فقالَ ﷺ كما في صحيحِ مسلمٍ من حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال: ما تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، قالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقَلِيلٌ، قالوا: فمَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في الطَّاعُونِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في البَطْنِ فَهو شَهِيدٌ)) – لعلمِهِ ﷺ أنَّ الناسَ يُحبونَ الدنيَا ويخافونَ مِن الموتِ، ثم يأتي حديثٌ آخرٌ عن المرأةِ النفساءِ التي تموتُ في نفاسِهَا فهي شهيدةٌ، والحريقُ شهيدٌ والغريقُ شهيدٌ، وصاحبُ الهدمِ الذي يقعُ عليه الهدمُ شهيدٌ، فعنْ أبي هُرَيْرةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ– ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه (متفقٌ عليه). المقتولُ دونَ مظلمتِهِ: عن سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّن ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: ((مَن قُتل دونَ مَظلمتهِ، فهو شهيدٌ) (رواه النسائي)).
وللشهيدِ عند اللهِ منزلةٌ عظيمةٌ، ولهُ فضائلُ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِها منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:
الشهداءُ أحياءٌ عند خيرِ جوارٍ فأيُّ نعيمٍ بعدَ هذا النعيمِ ، أحياءٌ وليسوا أمواتًا قال ربُّنا: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ (البقرة: 154).بل الشهداءُ هم أصحابُ الأجورِ الوفيرةِ العظيمةِ، والنورِ التامِ يومَ القيامة قال جلَّ وعلا:﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾(الحديد:19 ).لذا تمنى نبيُّنَا ﷺ أنْ يكونَ شهيدًا، وأنْ يُقتلَ في سبيلِ اللهِ مراتٍ ومراتٍ: لفضلِ ولمكانةِ الشهيدِ عندَ اللهِ جلَّ وعلا فعن أبِي هريرةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: ((والذي نفسِي بيدهِ، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه لذا كان الشهيدُ وحدهُ هو الذي يحبُّ أنْ يرجعَ إلى الدنيا, فيُقتلُ في سبيل الله مراتٍ ومرات. يقولُ النبيُّ ﷺ :«ما أحَدٌ يدخلُ الجنَّةَ، يحبُّ أنْ يرجِعَ إلى الدُّنيا ولَهُ ما علَى الأرضِ مِن شيءٍ إلَّا الشَّهيدُ يتمنَّى أنْ يرجعَ إلى الدُّنيا فيُقتلَ عَشرَ مرَّاتٍ ، لما يَرى منَ الكَرامةِ» رواه البخاري..وفي سننِ الترمذيِّ بسند حسنٍ ( أنّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِي : « يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا. قَالَ: « أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِىَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا“ فَقَالَ يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ. قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيةً.
وكيف لا ؟ وللشهيدِ في الجنةِ مائةُ درجةٍ بين كلِّ درجةٍ كما بينَ السماءِ والأرضِ فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: ((إنَّ في الجنةِ مائةَ درجةٍ أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماءِ والأرضِ))؛ رواه البخاري.
وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: ((رِباطُ يومٍ في سبيلِ اللهِ خيرٌ مِن الدنيَا وما عليهَا))، وعندَ مسلمٍ: ((لَغدوةٌ في سبيل اللهِ خيرٌ مِن الدنيا وما عليها))؛ رواه البخاري.
ومن فضائلِ الشهادةِ في سبيل الله : أنّ الشهيدَ يُغفرُ له ذنوبُه ورائحةُ دمهِ مسكٌ يومَ القيامةِ: روى الترمذيٌّ بسندٍ صحيحٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ《
ومِن فضائلِ الشهادةِ أيُّها السادةُ: أنّ الشهيدَ لا يفتنُ في قبرهِ فعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيد قَالَ : كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً (( رواه النسائي.
ومِن فضائلِ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ أنَّ الشهيدَ لا يشعرُ بالألمِ عندَ موتهِ: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَة((رواه الترمذيُّ.
والشهداءُ لا يُصعقونَ مِن النفخِ في الصُّورِ:فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه عن النبيِّ ﷺ أنَّه سألَ جبريلَ عليه السلامُ عن هذه الآيةِ: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ (الزمر: 68): ((مَن الذين لم يَشأ اللهُ أنْ يصعقَهُم؟ قال: هم شُهداءُ اللهِ))(رواه الحاكم(. ولا زالت قوتنا المسلحة والشرطة المصرية تقدم لنا الشهداء في كل يوم للمحافظة على أمن مصر واستقرارها بالليل والنهار كما كانت في معركة العبور ففي معركةِ السادسِ من أكتوبر العاشرِ من رمضانَ ضربَ لنا أبطالُ قواتِنَا المسلحةِ البواسلِ وأبطالُ الشرطةِ البواسلِ، أروعَ الأمثلةِ وأعظمَهَا في الحفاظِ على الوطنِ والدفاعِ عنه والتضحيةِ من أجلهِ والموتِ في سبيلهِ، وسطرُوا التاريخَ بدمائِهم الذكيةِ العطرةِ ولايزالونَ يقدمونَ أعظمَ وأروعَ الأمثلةِ في الحفاظِ علي وطنهِم والدفاعِ عنه وحمايةِ أمنهِ واستقرارِهِ ضدَّ كلِّ غاشمٍ يريدُ النيلَ منها ومِن شعبِهَا الأبيِّ وأرضِهَا المباركةِ .
الشهادة عقيدة مصرية خالدة
ييحتفل الشعب المصرى والقوات المسلحة فى التاسع من مارس كل عام بيوم الشهيد لكى نتذكرشهدائنا الابرار ونعلم اوالدنا جيل بعد جيل كيف خرج الابطال من هذا الشعب العظيم ..إننا لم نحارب لكي نعتدي علي أرض غيرنا وإنما حاربنا من اجل استعادة ارضنا التى احتلها العدو الغاشم عام 67 حاربنا ونحارب من أجل السلام الوحيد الذي يستحق وصف السلام ، وهو السلام القائم علي العدل ،إن عدونا يتحدث أحيانا عن السلام ولكن شتان ما بين سلام العدوان وسلام العدل.
من شهدائنا الابرار
المقدم طيار مصطفى محمد زكى المغربى
تخرج من الكلية الجوية ببلبيس عام 0699 بدرجة جيد جدا اشترك فى حرب اليمن ثم سافر الى
سوريا عام 0671 لتدعيم الطيران السوري ثم مرة اخرى الى سوريا 0672 في سبتمبر، وقاد سرب
فى 9 اكتوبر 0672 ثم قام سربه فى يوم 6 اكتوبر بضرب مدرعات العدو الصهيوني فى جنوب
سيناء ممر متال وقد كان لضرب مركز قيادة العدو و محطة الرادار والتشويش فى ام خشيب اثر كبير
فى معركة التحرير، واستمر خروج االسراب من مطار القطامية لضرب تجمعات العدو طوال مدة
الحرب بالرغم من غارات العدو على المطار، وفى يوم 06 اكتوبر الساعة 4 بعد الظهر اشتبك سربه
فى معركة لضرب مدرعات للعدو شرق فايد وقد استشهد فى هذه المعركة، خدم وطنه بشهامة وصدق
واخالص وقد منح نوط الواجب من الدرجة األولى .
اللواء شفيق مترى سدراك
الشهيد شفيق مترى سدراك، اسم تعرفه العسكرية المصرية، بكل فخر واعتزاز، إنه أول من استشهد
من قادة انتصار أكتوبر المجيد، على رمال سيناء الحبيبة، وربما ال يعلم الكثيرون، أن حرب أكتوبر
تعد الحرب األولى التى تكون نسبة الشهداء من القادة، كبيرا بالمقارنة بأى حرب من الحروب الحديثة
ولد عام 0630م بقرية المطيعة بمحافظة أسيوط، وقد إنتقل والده إلى محافظة البحيرة وإستقر هناك
بقرية يوسف حنا بمركز شبراخيت، وكان يعمل مدرسا وبعد أن أكمل شفيق مترى سدراك دراسته
الثانوية تقدم لكلية التجارة ثم تركها في الفرقة الثانية وانتقل للكلية الحربية حيث كانت لديه رغبة
هائلة في اإللتحاق بالجيش المصري ..
وتخرج منها عام 0646م، والتحق بسالح المشاة برتبة مالزم ثان وخدم في البداية في السودان،
وكان العميد شفيق مترى سدراك من أوائل من حصلوا على شهادة أركان حرب وهو برتبة رائد وكان
أصغر الخريجين سنا، كما حصل على شهادة أكاديمية ناصر العليا بتفوق ساحق، وكان معروفا عنه
أنه يجيد فن القتال بالدبابات في الصحراء، وكان دائما يتقدم قواته ليبث في نفوسهم الشجاعة واإلقدام
ويرفع من روحهم المعنوية ..
شارك العميد شفيق مترى سدراك في حرب السويس إبان العدوان الثالثي علي مصر عام 0659م
وشارك أيضا في حرب الخامس من شهر يونيو عام 0697م، وكان بطال فذا في أحد معاركها وهي
معركة موقع أبو عجيلة،، لذلك قام الرئيس جمال عبد الناصر بترقيته إستثنائيا تكريما له، كما أنه
نظرا لنبوغه وتفوقه فقد كان يتم االستعانة به ضمن هيئة التدريس بالكلية الحربية، وكان يقوم
بتدريس مادة التكتيك وفن القتال للطلبة .
وفي حرب اإلستنزاف وكان يعبر برجاله إلى سيناء من بورسعيد والدفرسوار وجنوب البالح والفردان
ليقاتل العدو في معارك الكمائن ضاربا أروع األمثلة في الشجاعة والبطولة والجسارة .
وفى معركة التحرير عندما جاء السادس من أكتوبر،72 كان البطل اللواء شفيق متري سدراك على
رأس اول من عبروا إلى شرق القناة، بالضبط مع أول موجة للعبور قائدا للواء الثالث المشاة
الميكانيكي التابع للفرقة 09 مشاة، من الجيش الثاني الميداني، والتي كان يقودها العميد عبد رب
النبي حافظ ..
وكانت كلماته إلى رجاله: إن أبناء مصر من عهد مينا إلى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باسم، وقد آن الأوان أن ترفرف أعلام مصر على أرض سيناء الحبيبة، وأنا أعدكم أن كل علم سوف يرفع فوق إحدى مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء سيكون موضع إعزاز وتقدير من أبناء مصر وقادتها، وكل من ساهم في رفع هذه الأعلام ..
وختاما أذكركم بقوله تعالى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) صدق الله العظيم، مسيحى يستشهد بآيات قرآنية في مواجهة العدو، نموذج يعبر على أن الانسان المصرى يختلف عن كل البشر على الكرة الارضية، وهذا النموذج ليس نادرا، ولكنه موجود وعادى في مصر الحضارة، مصر الشعب العنصر الواحد .
بعد انتهى اللواء شفيق مترى سدراك من كلمته لرجاله، أخذ يسلم على كل فرد ويربت على كتفه، ويؤكد لهم قدرتهم على الثبات والقتال بقوة الحق وتحقيق النصر، والجميع كان في انتظار إشارة بدء العبور، التى بعدها، إندفع البطل شفيق مترى سدراك وكان متقدما رجاله، ليتقدم ويتمركز على أرض سيناء الحبيبة، بعد أن أدى هو ورجاله الأبطال، أداء أذهل العدو، وحطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر ..
توغل جيشنا إلى ما يقرب من إثنى عشرة كيلومتر في الضفة الشرقية، وكان العدو يحاول كل يوم إختراق قواتنا، وقد قام العدو بالعديد من الهجمات المضادة، أخطرها في الثامن من اكتوبر، بدأها العدو من السادسة والنصف صباحا، في شن هجماته المضادة علي فرق المشاة التي عبرت القناة قبل يومين وأنشأت رؤوس كبارى شرقي القناة ..
وكان منها الهجوم المضاد الذى قام به لواء مدرع إسرائيلي علي الفرقة 16 مشاة التي تمكنت من صده وأرغمته علي التخلص من المعركة والانسحاب إلي عمق سيناء، وفي اليوم التالي التاسع من أكتوبر، شن العدو أربعة هجمات مضادة خلال أربعة ساعات، على الفرقة 16 مشاة وركز على اللواء الثالث المشاة الميكانيكي ..
وهو لواء منتصف الفرقة والذى كان يقوده العميد شفيق مترى سدراك ووجه نحوه كتيبتين مدرعتين وذلك بهدف إختراق رأس كوبرى الفرقة وإحداث خلل في النظام الدفاعي في القطاع الشمالي للجبهة نجح البطل شفيق مترى سدراك ورجاله من صد أربعة محاولات والحاق العدو خسائر لم يكن يتوقعها في الأفراد والدبابات .
وفي أثناء صد اللواء الثالث المشاة الميكانيكي لتلك الهجمات المضادة، أصدر اللواء شفيق مترى سدراك أوامره لقائد كتيبة مقدمة اللواء بتطوير الهجوم شرقا، وضع اللواء مع النسق العام لألوية الفرقة، وتوغل هو ورجاله إلى عمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلو مترا في أرض سيناء، يقتلون ويأسرون جنود العدو وكان يتقدمهم البطل شفيق مترى سدراك بمسافة كيلومتر، ليبث في نفوسهم الشجاعة والإقدام ويحمسهم للقتال ..
وفجأة أصابت سيارته دانة مدفع إسرائيلي قبل وصوله إلى منطقة الممرات لترتقي روح الشهيد المسيحى الصائم مثل جنوده لملاقاة ربه برفقة 5 أبطال آخرين كانوا معه في المركبة، وكان هو أول شهيد من الضباط حسب إشارات التبليغ من الوحدات الفرعية ويوميات القتال ..
وكما كان اللواء شفيق مترى سدراك هو أول من إستشهد من الضباط، وكان أيضا هو أول بطل يقوم بتكريمه الرئيس أنور السادات في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب صباح يوم 19 فبراير عام 1974م ..
حيث تم منحه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى تقديرا لما أظهر من أعمال ممتازة تدل على التضحية والشجاعة في ميدان القتال أثناء حرب يوم العاشر من شهر رمضان عام 1393 هجرية الموافق يوم السادس من شهر أكتوبرعام 1973م، وهو أعلى وسام عسكري مصري كما تم إطلاق إسمه على الدفعة 75 حربية والتي يعد خريجوها من أفضل خريجى الكلية الحربية .