مؤتمر باريس ينجح في جمع أكثر من مليار دولار لمساعدة لبنان وجيشه
ميقاتي يحث أصدقاء لبنان على الضغط لوقف الهجوم الاسرائيلي

مؤتمر باريس ينجح في جمع أكثر من مليار دولار لمساعدة لبنان وجيشه

كتب : وكالات الانباء
نجح مؤتمر باريس لمساعدة لبنان الخميس في جمع أكثر 800 مليون دولار لتخفيف الأزمة الانسانية ومساعدة النازحين، إضافة إلى نحو 200 مليون دولار دعم الجيش اللبناني، وفق ما أعلنت الخارجية الفرنسية. وحذر الرئيس إيمانويل ماكرون خلال افتتاح المؤتمر من خطر انزلاق “بلاد الأرز” نحو حرب أهلية جديدة فيما يتواصل القصف الإسرائيلي حيث قتل ما لا يقل عن 1552 شخصا خلال شهر واحد. وفي نفس السياق دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي للتحرك من أجل وقف لإطلاق النار في بلاده.
احتضنت العاصمة الفرنسية باريس
احتضنت العاصمة الفرنسية باريس الخميس مؤتمرا دوليا لمساعدة لبنان الغارق في أزمات سياسية داخلية متواصلة منذ سنوات وحرب بين حزب الله وإسرائيل، دعي إليه نحو 70 بلدا و15 منظمة دولية، ونجح في جمع نحو مليار دولار من المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية في لبنان ودعم جيشه.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال افتتاح المؤتمر الدولي: “يجب أن تتوقف الحرب في أسرع وقت ممكن”، وحض حزب الله على “وقف استفزازاته… والضربات العشوائية” التي ينفّذها في اتجاه الدولة العبرية، متوجها في الوقت عينه إليها بالقول إنها “تعرف من التجربة أن نجاحاتها العسكرية لا تعني بالضرورة انتصارا في لبنان”.
وأضاف ماكرون: “نتحدث كثيرا عن صراع الحضارات”، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين بهذا الشأن، مضيفا “لست واثقا من أن من يثير الهمجية بنفسه يقوم بالدفاع عن الحضارة”.
ودعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي إلى “التكاتف ودعم الجهود التي من شأنها إنهاء الاعتداءات المستمرة وفرض وقف فوري لإطلاق النار”.
200 مليون لتجهيز الجيش اللبناني
نجح المؤتمر في جمع نحو 800 مليون دولار، إضافة إلى نحو 200 مليون دولار للجيش اللبناني، وفق ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو.
وقال بارو: “تجاوبنا مع النداء الذي وجهته الأمم المتحدة عبر إعلان مساهمات حيوية (بقيمة) 800 مليون دولار، تضاف إليها مساهمات عينية كبيرة”، مؤكدا أن المجتمع الدولي كان “على قدر الرهان”.
وكان ماكرون أكد أن فرنسا ستقدم 100 مليون يورو “وتساهم في تجهيز الجيش اللبناني” في إطار العمل على تعزيز انتشاره في جنوب لبنان متى تمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وتعهدت ألمانيا تقديم 96 مليون يورو (103 ملايين دولار) للبنان، بحسب ما أكدت وزارة الخارجية في برلين. ومن المفترض أن تتيح المساعدات تقديم الدعم للنازحين.
كما أكدت باريس التزامها بدعم الجيش اللبناني من خلال المساهمة في تجنيد 6 آلاف فرد إضافي فيه، بهدف تعزيز قدرته على حفظ الأمن والاستقرار، خاصة في الجنوب.
ماكرون: “الحرب لن تحقق الأمان لأي طرف”
وشدد ماكرون مجددا على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، موجها دعوة للأطراف المتنازعة، بما في ذلك حزب الله وإسرائيل، لوقف العمليات العسكرية. واعتبر أن “الحرب لن تحقق الأمان لأي طرف”، بل إنها تزيد من تفاقم الوضع وتدفع لبنان إلى المزيد من الفوضى.

كما عبر عن شعوره بالأسف لأن “إيران زجت بجماعة حزب الله اللبنانية إلى مواجهة مع إسرائيل“. في الوقت نفسه انتقد الرئيس الفرنسي العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
وإلى جانب الدعم المالي والعسكري، حذر ماكرون من خطر الانزلاق نحو حرب أهلية جديدة في لبنان، مشيرا إلى أن النزوح الجماعي الداخلي، خاصة من الجنوب إلى العاصمة بيروت، قد يزيد من حدة التوترات الطائفية والسياسية القائمة. وأكد أن تقسيم البلاد مجددا على أسس طائفية من شأنه أن يعيدها إلى سيناريوهات الحرب الأهلية المدمرة التي عانى منها لبنان في العقود الماضية.
لبنان “على شفير الانهيار”
ودعا ماكرون القادة اللبنانيين إلى إدراك “القيمة الاستثنائية للتنوع اللبناني”، وضرورة الوحدة من أجل مستقبل البلاد، مشددا على أن الحل الوحيد يكمن في الحفاظ على الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتجنب استغلال لبنان كساحة لتصفية حسابات الآخرين.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو عبر منصة إكس: “هذا البلد (لبنان)، صديق فرنسا، هو على شفير الانهيار… من واجبنا أن نتحرك، ولذلك قامت فرنسا بهذه المبادرة”.
ومن جهته، ذكّر ميقاتي بالقرار الأممي 1701 قائلا “يبقى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، بصيغته الحالية، حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان”، وهو موقف يحظى بتأييد واسع خاصة من فرنسا.
وتابع رئيس الوزراء اللبناني: “التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها”.

وبعد عام على تبادل القصف عبر الحدود على خلفية الحرب في قطاع غزة، دخلت إسرائيل مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران في مواجهة مفتوحة اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر.
وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية على مناطق لبنانية خصوصا معاقل الحزب في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، وأطلقت ما أسمته عمليات برية “محدودية” في المناطق الحدودية.
وتقدمت فرنسا والولايات المتحدة معا باقتراح لوقف مؤقت لإطلاق النار في أيلول/سبتمبر خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو اقتراح حظي بدعم العديد من الدول ولكنه لم يحظ حتى الآن بتأييد إسرائيل.
أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الخميس أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على بلاده خلق أزمة إنسانية “ذات أبعاد غير مسبوقة”، فيما حدد احتياجات بلاده في 4 متطلبات بينما جمت قوى عالمية مليار دولار لتخفيف الأزمة الإنسانية في لبنان ودعم جيشه.
وأضاف ميقاتي أضاف في كلمة خلال افتتاح مؤتمر دولي في باريس لدعم لبنان، أن العدوان الإسرائيلي “أدى إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون مواطن لبناني، منهم 500 ألف طفل فقدوا منازلهم ومدارسهم” متابعا “وأدى نزوح هذا العدد الكبير من مواطنينا إلى نشوء أزمة إنسانية ذات أبعاد غير مسبوقة، وهي أزمة تتطلب اهتماما عاجلا وعملا من المجتمع العالمي”.
ولفت إلى “الهجمات العشوائية (الإسرائيلية) التي تستهدف العاملين في مجال الرعاية الصحية وفرق الإسعاف، وأسفرت عن مقتل أكثر من 150 شخصا، وتعطيل أكثر من 13 مستشفى وأكثر من 100 مركز رعاية صحية”.
وأكد أنها “تشكل انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان حماية المدنيين والبنى التحتية الحيوية”.
وحدد ميقاتي احتياجات لبنان في 4 متطلبات، هي “التضامن ووقف إطلاق النار”، حيث “يدعو لبنان المجتمع الدولي إلى التكاتف ودعم الجهود التي من شأنها إنهاء الاعتداءات المستمرة وفرض وقف فوري لإطلاق النار”.
وقال “بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والدعم الطارئ”، إذ “أدت الحرب إلى زعزعة استقرار الظروف المعيشية، مما زاد من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية. وهناك حاجة إلى المساعدات المالية الدولية لتوفير الخدمات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والمأوى والتعليم”، حسب ميقاتي.
وأضاف “وكذلك “الحاجة إلى إعطاء الأولوية لاستقرار المؤسسات الرئيسية”، و”تشمل “الأولويات الخاصة تقديم الدعم للسلطات المحلية في إدارة التدفق الكبير للنازحين بشكل فعال وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية” و”التعافي المبكر والبنية الأساسية”، حيث “تسببت الاعتداءات الإسرائيلية الحالية في مزيد من الدمار للطرق والمدارس والمستشفيات ومعالم التراث الثقافي وغيرها من المرتكزات الأساسية الحيوية”.
وتابع “هناك حاجة إلى التمويل الدولي لمشاريع إعادة الإعمار واسعة النطاق، بما في ذلك إعادة بناء قطاع النقل وشبكات الكهرباء ومرافق المياه وإزالة الأنقاض لإعادة الإعمار والبنية الأساسية للاتصالات”.
واعتبر أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بصيغته الحالية، يبقى حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان”.
وفي 11 أغسطس/ آب 2006 تبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار 1701، وهو يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يوما بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي.
كما يدعو إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل).
واضاف أن “التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها” مشددا على أن “التزام الحكومة اللبنانية ببدء عملية تطويع جنود لبنانيين إضافيين وفقا للقرار 1701 يُظهِر التزاما واضحا بتنفيذ هذا القرار”.
واستطرد “ويشكل قرار تجنيد المزيد من الجنود خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة” مضيفا “ومع ذلك، فإن التنفيذ الناجح لهذا الالتزام سيتطلب دعم المجتمع الدولي ومساندته. ويمكن أن تأتي هذه المساعدة في أشكال مختلفة، بما في ذلك الدعم المالي والتدريب والمساعدة الفنية لضمان تنفيذ عملية التجنيد بفعالية وكفاءة”، وفق ميقاتي.
ورأى أن “معادلة الاستقرار تتحقق بالوقف فوري لإطلاق النار والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ونشر 8000 عنصر من الجيش جنوب نهر الليطاني”.
وتابع “كما تتحقق باستئناف الجهود الدبلوماسية لمعالجة النزاعات على طول الخط الأزرق، والتوصل إلى اتفاق يمكن أن يضمن الاستقرار الطويل والمستدام في جنوب لبنان”.

وجمعت قوى عالمية مليار دولار لتخفيف الأزمة الإنسانية في لبنان ودعم جيشه خلال المؤتمر وحث جان نويل بارو وزير الخارجية الفرنسي إسرائيل على الاستجابة لرسالة وقف إطلاق النار والتركيز على الدبلوماسية.
وقال جان نويل بارو “الرسالة لإسرائيل بسيطة: أوقفوا إطلاق النار!”، مكررا أن المقترح الفرنسي الأميركي لتطبيق هدنة مؤقتة لا يزال مطروحا على الطاولة.
وأضاف بارو أنه تم جمع ما يزيد على 800 مليون دولار، منها 300 مليون من واشنطن، لتقديم يد المساعدة بالأساس لما يصل إلى مليون نازح بالأغذية والرعاية الصحية والتعليم.
وسيجري منح 200 مليون أخرى للجيش اللبناني، الذي يعد ضامن الاستقرار الداخلي والضروري أيضا لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم 1701 لعام 2006 الذي يدعو إلى أن يكون جنوب لبنان خاليا من أي قوات أو أسلحة غير تلك التابعة للدولة اللبنانية.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المؤتمر في وقت سابق أن فرنسا ستدعم لبنان بمئة مليون يورو مضيفا أن “الحرب يجب أن تتوقف في أسرع وقت ممكن” بين اسرائيل وحزب الله.
وقال إن “فرنسا ستقدم مساعدات بقيمة 100 مليون يورو”. وأضاف “يجب أن تتوقف الحرب في أسرع وقت ممكن”، موضحا ان الهدف هو “دعم سيادة لبنان” وبالتالي “إظهار ان الأسوأ ليس حتميا وإفساح المجال أمام اللبنانيين لاستعادة التحكم بمصيرهم”.
بدورها تعهدت ألمانيا تقديم 96 مليون يورو (103 ملايين دولار) لمساعدة لبنان. وقالت وزارة الخارجية في بيان “في مؤتمر دعم لبنان اليوم، تعهدت ألمانيا تقديم 96 مليون يورو كأموال إضافية للمساعدة في التعامل مع الأزمة في لبنان”.
وأشارت الى أن الأموال ستتدفق إلى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بما في ذلك الصليب الأحمر الألماني والصندوق الإنساني اللبناني “للوصول إلى النازحين داخليا وضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمؤسسي في لبنان”.
ويأتي مؤتمر باريس استجابة لنداء أطلقته الأمم المتحدة لجمع 400 مليون دولار على الأقل لمساعدة النازحين اللبنانيين.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، بينها “حزب الله” بدأت عقب شن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان على لبنان إجمالا عن ألفين و574 قتيلا و12 ألفا وواحد جريح، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، ونحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين منذ 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لآخر البيانات الرسمية اللبنانية.
ويوميا يرد حزب الله بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار استخباراتية وتجمعات لعسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ عربية في لبنان وسوريا وفلسطين، وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.