مفتي الجمهورية: الإسلام لا يرفض التقدم بل يوجه الإنسان لاستخدام كل جديد

مفتي الجمهورية: الإسلام لا يرفض التقدم بل يوجه الإنسان لاستخدام كل جديد

كتب : اللواء
قال مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الدكتور نظير عياد، إن: “الإسلام ليس دينا منغلقا على نفسه، بل هو دين يتفاعل مع الواقع ويوجه الإنسان لاستخدام كل ما هو جديد في إطار تحقيق الخير ورفض الشر، مستشهدا بقوله تعالى: وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون [الجاثية: 13].
أكد مفتي الجمهورية، أن قضية أخلاقيات التعامل مع الفضاء الرقمي والذكاء الاصطناعي تعد من أهم القضايا المعاصرة، في عصر أصبحت فيه هذه المقتنيات العلمية جزءا من حياتنا اليومية.
وأضاف فضيلته في حديثه الرمضاني، أن التقنيات الحديثة أصبحت جزءا لا يتجزأ من واقعنا، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي غير كثيرا من طرق التواصل، ووسع مجالات المعرفة، وأصبح شريكا فاعلا في مجالات التعليم والاقتصاد والطب والإعلام، لكنه في الوقت ذاته يطرح تساؤلات جوهرية تتعلق بالقيم والضوابط التي يجب أن تحكم استخدامه.
وأوضح أن التقدم التكنولوجي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، هو جزء من التسخير الإلهي، بشرط أن يستخدم فيما يعود بالنفع على البشرية، مؤكدا أن التكنولوجيا لا ترفض في ذاتها، وإنما ينظر في أثرها وطريقة استخدامها.
وأشار إلى أن الفضاء الرقمي بات عالما متكاملا، يضم وسائل التواصل، والمنصات التعليمية والتجارية، والمواقع المعرفية، وهذا يتطلب مجموعة من الضوابط الأخلاقية التي تحفظ حقوق الفرد والمجتمع، ومنها الصدق والأمانة في نقل المعلومات، إذ إن ترويج الأخبار الكاذبة، وتزييف الحقائق، والتلاعب بالمحتوى يعد من صور الكذب المحرم.
كما نبه فضيلته إلى خطورة التهاون في نشر المعلومات دون تثبت، مشددا على أن المسلم يجب أن يكون واعيا ومسؤولا عند مشاركة أي معلومة، موضحا أنه من المبادئ الأصيلة في الشريعة الإسلامية احترام خصوصية الآخرين، لقوله تعالى: ولا تجسسوا [الحجرات: 12]، فالتجسس الإلكتروني، واختراق الحسابات، ونشر المعلومات الشخصية دون وجه حق يعد انتهاكا صارخا للقيم الإسلامية.
وأكد ضرورة تجنب خطاب الكراهية والتحريض، مشيرا إلى أن الإسلام أمر بالكلمة الطيبة، فقال تعالى: وقولوا للناس حسنا [البقرة: 83]، ورفض الفتنة والنيل من الآخرين بأي وسيلة كانت، بما في ذلك التعليقات والمنشورات عبر الوسائط الرقمية.
وحذر فضيلته من الانسياق وراء أساليب التشهير والابتزاز، مشيرا إلى أن الإضرار بالآخرين في الفضاء الرقمي سواء كان ذلك عن طريق التهديد، أو الاحتيال، أو نشر الأكاذيب أمر محرم، ويتنافى مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية من مبادئ الرحمة والعدل.
أما فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي، فأوضح مفتي الجمهورية أن من الضروري أن يكون الاستخدام مؤطرا بجملة من المبادئ الأخلاقية المتوافقة مع الإسلام، في مقدمتها تحمل المسؤولية الأخلاقية عن القرارات الناتجة عن هذه التقنيات، وضرورة وجود رقابة بشرية، وخاصة في المجالات الحساسة، مثل الصحة.
وشدد على ضرورة مراعاة العدل وعدم التحيز، مستشهدا بقوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان [النحل: 90]، مؤكدا أن أي انحياز في الخوارزميات أو توجيه للنتائج بما يخدم فئة دون أخرى يعد خللا أخلاقيا جسيما يجب معالجته.
وأشار إلى أن من أبرز التحديات كذلك الاستخدام غير الأخلاقي للبيانات، حيث لا يجوز استخدام الذكاء الاصطناعي في التلاعب بالمعلومات أو التأثير السلبي على قرارات الأفراد أو انتهاك حقوقهم.
وفي هذا السياق، حذر مفتي الجمهورية من التوسع في استخدام ما يعرف بـ”التزييف العميق”، وهو أحد أخطر التطبيقات الحديثة للذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم هذه التقنية في تغيير الصور والمقاطع الصوتية والفيديوهات بطريقة دقيقة تضلل المتلقي وتشوه الحقيقة.. مؤكدا أن هذه الممارسات تندرج تحت طائلة الكذب المحرم شرعا، وأنها تمثل تهديدا مباشرا للأمان المجتمعي والاستقرار الفكري.
وقال إن الإسلام يضع لنا منهجا واضحا في التعامل مع الفضاء الرقمي ومع الذكاء الاصطناعي، بحيث يكون هذا التقدم التكنولوجي نعمة لا نقمة، وأداة بناء لا وسيلة هدم.