واشنطن غلّبت دعم إسرائيل في حرب غزة على إرضاء حلفائها العرب
واشنطن تخصص أكثر من مليار دولار لتعزيز أمن البحر الأحمر ... مساع فرنسية لتهدئة توترات الشرق الأوسط

واشنطن غلّبت دعم إسرائيل في حرب غزة على إرضاء حلفائها العرب

كتب : وكالات الانباء
مراسلات بين كبار المسؤولين الأميركيين تكشف عن قلق مبكر من أن ارتفاع عدد القتلى في غزة قد ينتهك القانون الدولي ويعرض العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم العربي للخطر.
بينما تقترب حرب غزة من إتمام عامها الأول، ويتأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع نطاقا، تظهر رسائل ومراسلات أميركية صراع إدارة بايدن من أجل الموازنة بين المخاوف الداخلية إزاء ارتفاع أعداد القتلى في غزة ودعمها العلني لإسرائيل.
وفي الوقت الذي كانت إسرائيل تقصف فيه شمال قطاع غزة بغارات جوية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتأمر بإجلاء أكثر من مليون فلسطيني من المنطقة، وجهت مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحذيرا صريحا للبيت الأبيض.
فقد كتبت دانا سترول نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط آنذاك في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول إلى كبار مساعدي الرئيس جو بايدن تقول إن النزوح الجماعي سيشكل كارثة إنسانية وقد يمثل إنتهاكا للقانون الدولي، مما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وذكرت سترول في الرسالة أنها كانت تنقل تقييما للجنة الدولية للصليب الأحمر “جمد الدماء في عروقها”.
وتكشف مجموعات من الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني بين كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، والتي يرجع تاريخها إلى الفترة من 11 إلى 14 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد أيام قليلة من اندلاع الأزمة عن قلق مبكر في وزارة الخارجية والبنتاغون من أن ارتفاع عدد القتلى في غزة قد ينتهك القانون الدولي ويعرض العلاقات الأمريكية مع العالم العربي للخطر.
وتُظهر الرسائل أيضا ضغوطا داخلية في إدارة بايدن لتغيير رسالتها من إظهار التضامن مع إسرائيل إلى الحديث عن التعاطف مع الفلسطينيين وضرورة السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ولا يزال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعيد المنال، على الرغم من مرور أشهر من المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة. والآن أصبح جزء كبير من غزة خرابا، بينما يلوح خطر اندلاع حرب إقليمية مع إيران في الأفق بعد الهجمات التي شنتها إسرائيل على لبنان واغتيال حسن نصر الله الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من طهران الأسبوع الماضي والهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل.
ويقول مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنهم يعتقدون أن ضغوط البيت الأبيض على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تلك الأيام الأولى من الحرب أحدثت فرقا ومنعت وقوع كارثة أسوأ.
وفي أحاديث خاصة، طلب البيت الأبيض من إسرائيل تأجيل هجومها البري لمنح منظمات الإغاثة مزيدا من الوقت لإعداد المساعدات للنازحين وإعطاء إسرائيل المزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق مع حماس، وذلك وفقا لما قاله مسؤولون في الإدارة للصحفيين في إفادات غير علنية حينها.
ولكن ثلاثة مسؤولين أميركيين كبارا شاركوا في عملية صنع القرار قالوا إن واشنطن كانت بطيئة في التعامل مع معاناة الفلسطينيين.
ورغم أن الغزو البري تأخر في نهاية المطاف حوالي عشرة أيام، عزا المسؤولون الثلاثة ذلك التأخير إلى الاستعدادات العملياتية للجيش الإسرائيلي أكثر من الضغوط الأمريكية.
وقال البيت الأبيض ردا على أسئلة بشأن رسائل البريد الإلكتروني “كانت الولايات المتحدة تقود الجهود الدولية الرامية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وكان ذلك وسيظل أولوية قصوى”. وأضاف أنه قبل “تدخل الولايات المتحدة، لم يكن هناك طعام أو ماء أو دواء يدخل إلى غزة”.
ويجري التحقيق بشأن ارتكاب قادة في إسرائيل وحماس جرائم حرب في أعقاب الهجمات التي شنتها الحركة الفلسطينية.
ففي يونيو/حزيران، خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى وجود أدلة موثوقة على أن حماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى ارتكبت جرائم حرب تشمل التعذيب واحتجاز رهائن. كما وجدت اللجنة أدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب نتيجة لاستخدامها قنابل ضخمة في غزة في الأشهر الأولى من الحرب.
ولا تزال إدارة بايدن والحملة الرئاسية لنائبة الرئيس كاملا هاريس عالقة بين مجموعتين انتخابيتين قويتين هما الديمقراطيون المؤيدون لإسرائيل والتقدميون الأصغر سنا الداعمون للفلسطينيين.
ويقول منافس هاريس عن الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، إنه سيحسم الحرب سريعا” إذا فاز في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، دون أن يخوض في تفاصيل عن كيفية ذلك، لكن محللي السياسة الخارجية يستبعدون أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير كبير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، بالنظر إلى دعم كلا الحزبين طويل الأمد لها.
وتُظهِر رسائل البريد الإلكتروني التي راجعتها رويترز محاولات حثيثة داخل إدارة بايدن لتحذير البيت الأبيض من الأزمة الوشيكة، ومقاومة مبدئية من البيت الأبيض لوقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى الفوضوية من الحرب.
وفي مرحلة مبكرة، تزايدت المخاوف داخل الإدارة بشأن صورة الولايات المتحدة في نظر حلفائها العرب.
وبعد أن استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مستشفيات ومدارس ومساجد غزة، أبلغ كبير مسؤولي شؤون الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الأميركية بيل روسو كبار المسؤولين في الوزارة بأن واشنطن “تفقد مصداقيتها بين الجماهير الناطقة بالعربية” بعدم تعاملها مع الأزمة الإنسانية مباشرة، وذلك وفقا لرسالة بالبريد الإلكتروني أرسلت يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول. وذكرت السلطات الصحية في غزة في ذلك اليوم أن عدد القتلى بلغ نحو 1200 شخص.
وبينما دافعت إسرائيل عن الضربات، قائلة إن حماس تستخدم المباني المدنية لأغراض عسكرية، كتب روسو أن الدبلوماسيين الأميركيين في الشرق الأوسط يراقبون التقارير الإعلامية العربية التي تتهم إسرائيل بشن “إبادة جماعية” وواشنطن بالتواطؤ في جرائم حرب.
كما كتب روسو أن “عدم استجابة الولايات المتحدة للأوضاع الإنسانية للفلسطينيين ليس فقط غير فعال وله نتائج عكسية، بل إننا متهمون أيضا بالتواطؤ في جرائم حرب محتملة من خلال التزام الصمت حيال أفعال إسرائيل بحق المدنيين”.
وفي ذلك الحين، كانت فرق الطوارئ تكافح لإنقاذ السكان المدفونين تحت الأنقاض بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، وبدأ تعاطف الدول يتحول من الإسرائيليين القتلى إلى المدنيين الفلسطينيين المحاصرين.
وبينما خاطب روسو كبار المسؤولين في وزارة الخارجية، حث على التحرك سريعا لتغيير موقف الإدارة المعلن المتمثل في الدعم غير المشروط لإسرائيل وعمليتها العسكرية في غزة. وكتب “إذا لم يتم عكس هذا المسار بسرعة، ليس فقط عبر الرسائل وإنما بالأفعال، فإن هناك مخاطرة بالإضرار بموقفنا في المنطقة لسنوات قادمة”. واستقال روسو في مارس/آذار، عازيا ذلك لأسباب شخصية.
وأعادت باربرا ليف كبيرة الدبلوماسيين المعنيين بشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية إرسال رسالة روسو عبر البريد الإلكتروني إلى مسؤولي البيت الأبيض، بما في ذلك بريت ماكجورك كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط. وحذرت من أن العلاقة مع شركاء واشنطن العرب “الذين كانوا سيكونون أنصارا مخلصين في ظروف أخرى” معرضة للخطر بسبب المخاوف التي أثارها روسو.
ورد ماكجورك بأنه إذا كان السؤال المطروح هو ما إذا كان ينبغي للإدارة أن تدعو لوقف إطلاق النار، فإن الإجابة هي “لا”. لكنه استطرد قائلا إن واشنطن “تؤيد بنسبة 100 بالمئة” دعم الممرات الإنسانية وحماية المدنيين.
ولكن بعد رسالة روسو عبر البريد الإلكتروني، لم يشهد الموقف الأميركي المعلن تغييرا يذكر على مدى اليومين التاليين، حسبما يظهر استعراض التصريحات العامة. وواصل المسؤولون الأمريكيون التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وخطط تزويدها بالمساعدات العسكرية.
وفي يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يومين من رسالة روسو، ألقت طائرات إسرائيلية منشورات على شمال غزة تأمر مليون شخص من سكان القطاع بمغادرة منازلهم. وأعطى نتنياهو السكان مهلة 24 ساعة للفرار، في حين بدأت القوات الإسرائيلية مدعومة بالدبابات هجوما بريا داخل القطاع الذي تديره حماس والذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة. وتعهد نتنياهو بالقضاء على حماس بسبب هجومها.
وأثارت أوامر الإخلاء قلق وكالات الإغاثة والأمم المتحدة. وبحلول ذلك الوقت، كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قد محت أحياء بأكملها.
وأصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف بيانا قالت فيه إن الأمر الإسرائيلي “لا يتوافق مع القانون الدولي الإنساني” لأن من شأنه أن يقطع الغذاء والمياه والاحتياجات الأساسية الأخرى عن غزة. وفي محادثة هاتفية في ذلك اليوم مع سترول، كان فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر أكثر وضوحا، كما تظهر رسائل البريد الإلكتروني.
وقالت سترول في رسالتها يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، التي وصفت فيها المحادثة بينهما، إن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست مستعدة لقول ذلك علنا، لكنها تدق ناقوس الخطر في أحاديث خاصة من أن إسرائيل تقترب من ارتكاب جرائم حرب”.
وكانت رسالتها عبر البريد الإلكتروني موجهة إلى كبار المسؤولين في البيت الأبيض، بما في ذلك ماكجورك، إلى جانب كبار المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع (البنتاجون). وكتبت سترول “هاجسهم الرئيسي هو أنه من المستحيل أن يتحرك مليون مدني بهذه السرعة”.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين في سلسلة رسائل البريد الإلكتروني إنه سيكون من المستحيل تنفيذ مثل هذا الإخلاء دون التسبب في “كارثة إنسانية”.
وردا على سؤال عن المكالمة الهاتفية بين كاربوني وسترول، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها “تعمل باستمرار مع أطراف الصراعات المسلحة ومن لديهم نفوذ عليها لتعزيز احترام قوانين الحرب لمنع معاناة المدنيين خلال الصراعات.. ونحن نعتبر هذه المحادثات سرية للغاية”.
وعلى المستوى العلني، كان البيت الأبيض يعبر عن دعم محسوب لخطط إسرائيل. فقد قال متحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين إن مثل هذا الإخلاء الهائل يمثل “مهمة صعبة”، لكن واشنطن لن تنتقد إسرائيل. كما أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن المساعدات العسكرية ستواصل التدفق إلى إسرائيل.
وقال عدة مسؤولين أميركيين كبار لرويترز إن بعض كبار المسؤولين الأميركيين عبروا عن قلقهم في أحاديث خاصة من عدم وجود طريق آمن للخروج من القطاع المكتظ بالسكان. وتفرض إسرائيل حصارا على غزة. ولم تفتح مصر حدودها مع القطاع وذلك في إطار سياستها طويلة الأمد التي تقضي بمنع إعادة توطين الفلسطينيين بأعداد كبيرة. وقتل بعض الفلسطينيين الفارين من شمال غزة عندما قصفت إسرائيل السيارات والشاحنات.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني ردا على سترول، قال ماكجورك إن واشنطن ربما تكون قادرة على إقناع إسرائيل بتمديد مهلة إجلاء الفلسطينيين لأكثر من 24 ساعة، قائلا إن الإدارة “يمكنها شراء بعض الوقت”. لكنه كتب أنه يتعين على الصليب الأحمر والأمم المتحدة ووكالات الإغاثة أن تعمل مع مصر وإسرائيل للتحضير للإجلاء.
وشبه ماكجورك، الخبير في الشأن العراقي لفترة طويلة، الوضع بالعملية العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل من عام 2016 إلى عام 2017، وهو الهجوم الذي ترك المدينة العراقية في حالة خراب.
وقال إن الاستراتيجية العسكرية والإنسانية في هجوم الموصل تم التخطيط لها جنبا إلى جنب. ورد مسؤولان في سلسلة رسائل البريد الإلكتروني بأنه سيكون من المستحيل تهيئة البنية التحتية اللازمة خلال هذا الوقت القصير. وذكّر أحدهما ماكجورك بأن عملية الموصل نتجت عن تخطيط استمر لوقت أطول بكثير. فقد أتيحت للمنظمات الإنسانية شهور لتجهيز وتقديم الدعم للمدنيين النازحين.
وكتبت بولا توفرو المسؤولة الكبيرة في البيت الأبيض المعنية بالاستجابة الإنسانية في البريد الإلكتروني “تقييمنا هو أنه ببساطة لا توجد طريقة لحدوث هذا النطاق من النزوح دون التسبب في كارثة إنسانية”، وسوف يستغرق الأمر “شهورا” لتهيئة الهياكل اللازمة لتوفير “الخدمات الأساسية” لأكثر من مليون شخص. وطلبت من البيت الأبيض أن يطلب من إسرائيل إبطاء هجومها.
وكتبت توفرو “نحتاج من حكومة إسرائيل التخفيف من سرعة دفع الناس إلى الجنوب”.
وحث آندرو ميلر، الذي كان نائب مساعد وزير الخارجية في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية آنذاك، زملاءه على التحرك بسرعة.
وكتب ميلر “إذا كنا نميل إلى التدخل لدى الإسرائيليين لثنيهم عن السعي إلى عمليات إخلاء جماعية، فسوف يتعين علينا فعل ذلك قريبا، وعلى مستوى رفيع وعبر نقاط اتصال متعددة”. واستقال ميلر في يونيو/حزيران، عازيا ذلك إلى أسباب عائلية.
ومنحت تعليقات بايدن العلنية بشأن غزة نتنياهو حرية تصرف كبيرة ضد حماس. وفي ذلك الوقت، لم يكن بايدن يواجه سوى احتجاجات متفرقة من جناح اليسار بالحزب الديمقراطي على دعمه للهجوم الإسرائيلي. كما لقي تشبيه إسرائيل لهجوم حماس بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن صدى كبيرا في الولايات المتحدة.
وبدأ موقف الإدارة المعلن يتغير في 13 أكتوبر/تشرين الأول. ففي مؤتمر صحفي عقد في الدوحة، اعترف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن علنا لأول مرة “بمعاناة الأسر الفلسطينية في غزة”. وقال إن واشنطن تجري محادثات مستمرة مع الإسرائيليين ومنظمات الإغاثة لمساعدة المدنيين في غزة.
وفي اليوم التالي، تغيرت نبرة بايدن، إذ قال في كلمة إنه يعطي الأولوية بشكل عاجل للأزمة الإنسانية في غزة وأمر فريقه بالمساعدة في زيادة إمدادات الإغاثة إلى منطقة الحرب. ومن غير الواضح ما إذا كانت رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها روسو والآخرون قد أثرت على تصريحات بلينكن وبايدن.
ورغم أن إسرائيل بدأت في إرسال قوات مشاة إلى غزة يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، فإن الغزو البري واسع النطاق لم يبدأ إلا في 27 من ذلك الشهر. وقالت مصادر مطلعة في ذلك الوقت إن واشنطن نصحت إسرائيل بالتريث، وذلك لإتاحة الوقت بشكل رئيسي للجهود الدبلوماسية لتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية ردا على أسئلة من أجل هذا التقرير إنه منذ الأيام الأولى للصراع، شددت الولايات المتحدة على أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، لكن مع التأكيد على أن طريقتها في تحقيق ذلك مهمة. وقال المتحدث “تتحمل إسرائيل التزاما أخلاقيا بتخفيف الضرر الناجم عن عملياتها على المدنيين، وهو أمر أكدنا عليه علانية وسرا”.
وقال ميلر في بيان إن الإدارة “قلقة بشأن العواقب الإنسانية المترتبة على الإخلاء الجماعي”. وأضاف أن “الخطط العسكرية الإسرائيلية كانت غير مكتملة إلى حد كبير في تلك المرحلة، وكنا نحاول التوصل لفهم أفضل… لاستراتيجية وأهداف” إسرائيل.
وبينما كان المسؤولون الأميركيون يقيّمون الأزمة الإنسانية، ضغطت إسرائيل على واشنطن للحصول على مزيد من الأسلحة.
ووفقا لرسائل البريد الإلكتروني، حث مسؤول كبير في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وزارة الخارجية الأميركية في 14 أكتوبر/تشرين الأول على تسريع شحن 20 ألف بندقية آلية للشرطة الإسرائيلية.
وفي ذلك اليوم اعتذر المستشار الدفاعي الإسرائيلي أوري كتساف في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى نظيرته في وزارة الخارجية الأميركية عن إزعاجها خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكنه قال إن شحنة البنادق “عاجلة جدا” ويجب أن توافق عليها الولايات المتحدة.
وقالت كريستين ميناريتش وهي مسؤولة في إدارة ضوابط التجارة في الأصناف الدفاعية، القسم المعني بالموافقة على مبيعات الأسلحة في وزارة الخارجية، لكتساف إن البنادق لن تتم الموافقة عليها خلال الساعات الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين المقبلة. وقد تستغرق مثل هذه الشحنات الضخمة من الأسلحة وقتا طويلا، إذ تتطلب موافقة وزارة الخارجية وإخطار الكونجرس.
وأعادت جيسيكا لويس، التي كانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية آنذاك، إرسال رسالة ميناريتش وطلب إسرائيل الحصول على البنادق إلى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية. ويتولى المكتب مراجعة مبيعات الأسلحة الأمريكية المحتملة لضمان عدم إرسالها إلى الجيوش الضالعة في انتهاكات لحقوق الإنسان.
وبحسب رسائل البريد الإلكتروني، طلبت لويس من المكتب تسريع مراجعته وأن يشرح “بشكل عاجل” أي معارضة منه لصفقات أسلحة محددة لإسرائيل. واستقالت لويس في يوليو تموز.
وأوصى كريستوفر لومون نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان برفض أكثر من 12 صفقة أسلحة، بما في ذلك قاذفات قنابل، وقطع غيار، وبنادق. وفي رده على لويس، أشار إلى مخاوف بشأن “سلوك” وحدات معينة من الشرطة الإسرائيلية، مثل وحدة دوريات الحدود (يمام) وهي وحدة من القوات الخاصة.
وكتب لومون أن هناك “تقارير عديدة” عن تورط وحدة يمام في “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. وأبدى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان اعتراضا على 16 صفقة أسلحة منفصلة لإسرائيل، وفقا لرسالة البريد الإلكتروني ومصدر مطلع.
وقال المصدر إنه تم المضي في جميع الصفقات تقريبا على الرغم من اعتراضات المكتب. وشملت مهام وحدة يمام إنقاذ أربع رهائن إسرائيليين في الثامن من يونيو حزيران وهي مهمة يقول مسؤولو الصحة في غزة إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 200 فلسطيني.
وقال مسؤولان أميركيان اطلعا على قائمة محدثة بشحنات الأسلحة إن واشنطن ترسل إلى إسرائيل ذخائر بأعداد كبيرة منذ بدء الحرب في غزة، بما في ذلك أكثر من عشرة آلاف قنبلة شديدة التدمير تزن 907 كيلوجرامات تقريبا والآلاف من صواريخ هيلفاير.
كما قال عدة مسؤولين أميركيين مطلعين على الأمر إن واشنطن ترسل إلى إسرائيل أعدادا كبيرة من الذخائر منذ اندلاع حرب غزة تشمل آلاف الصواريخ دقيقة التوجيه والقنابل التي تزن 907 كيلوجرامات والتي يمكنها تدمير المناطق المأهولة بكثافة واستخدمت في تدمير الأنفاق والمخابئ.
وتقول بعض جماعات حقوق الإنسان إن استخدام هذه الأسلحة هو السبب في مقتل المدنيين. وذكرت منظمة العفو الدولية ثلاث وقائع على الأقل في الفترة من 10 أكتوبر/تشرين الأول إلى يناير كانون الثاني 2024 تضمنت أسلحة قدمتها الولايات المتحدة وقالت المنظمة إنها قتلت مدنيين، بينهم نساء وأطفال، في “انتهاكات خطيرة” للقانون الدولي الإنساني.
وفي يوليو/تموز، حذرت المنظمة من تواطؤ الولايات المتحدة فيما قالت إنه استخدام إسرائيل غير القانوني للأسلحة الأمريكية لارتكاب جرائم حرب، وهو اتهام رفضته واشنطن.
وذكر تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية في مايو/أيار أن إسرائيل ربما تنتهك القانون الدولي باستخدام الأسلحة الأميركية، لكنها قالت إنها لا تستطيع أن تجزم بذلك على وجه اليقين بسبب فوضى الحرب والتحديات التي تواجه جمع البيانات.
ورفض متحدث باسم السفارة الإسرائيلية الاتهامات بأن إسرائيل تستهدف المدنيين. وقال إن “إسرائيل دولة ديمقراطية تلتزم بالقانون الدولي”.
الإنفاق الكبير يسلط الضوء على تكلفة الحفاظ على وجود معزز في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إسقاط المسيرات والصواريخ التي تطلقها إيران أو حلفائها.
على صعيد اخرأفادت وكالة “بلومبيرج” أن وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” ستنفق حوالي 1.2 مليار دولار، للحفاظ على السفن المنتشرة كجزء من عملياتها في البحر الأحمر، ولتجديد مخزونات الصواريخ التي تم إطلاقها لصد هجمات إيران وحلفائها”.
ويتزايد الإنفاق الدفاعي الأميركي وتكاليف المساعدات العسكرية في ظل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، أو حرب أوكرانيا التي سبقتها، وهو ما يترك تأثيرات على ميزانيات الدول الكبرى لسنوات عديدة، بسبب تكاليف السباق الجديد لإعادة التسلح.
وتعد الولايات المتحدة الأكثر إنفاقاً على الدفاع بما يعادل 3.3% من الناتج المحلي، إذا رفعت إنفاقها إلى 4% من الناتج فسيصل دينها إلى 131% من الناتج، وفق تقديرات الاقتصاديين.
وسيذهب جزء كبير من هذه الأموال لدعم صناعة الدفاع الأميركية، كما تذهب أغلب الأسلحة في السنوات الأخيرة إلى أوكرانيا وإسرائيل وتايوان، بعد سنوات من الإنفاق العسكري في بغداد وباكستان وافغانستان التي قاربت 5 تريليون، بحسب تقرير لهارفرد بزنيس سكول.
وذكرت بلومبيرغ، فإن الإنفاق الموضح في وثيقتين للميزانية تم تقديمهما إلى لجان الدفاع في الكونغرس، يساعد في تسليط الضوء على تكلفة الحفاظ على وجود معزز في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تكلفة إسقاط المسيرات والصواريخ التي تطلقها إيران أو حلفاؤها الحوثيون في اليمن.
وسيتم إنفاق حوالي 190 مليون دولار على تجديد مخزون صواريخ “ستاندرد-3 بلوك.1.بي” التي تطلق من البحر، من شركة “آر.تي.إكس”، كما تم تخصيص حوالي 8.5 مليون دولار لشراء المزيد من صواريخ “AIM-X Sidewinder” الحرارية جو-جو، وفقًا للوثائق.
والجزء الأكبر من الإنفاق المتوقع للبنتاغون على مدار عام كامل من العمليات في الشرق الأوسط، هو 300 مليون دولار للصيانة غير المخطط لها في مستودعات السفينة الهجومية البرمائية “يو.إس.إس.باتان”، والسفن التابعة لمجموعة “يو.إس.إس.آيزنهاور”، التي أجرت عمليات في البحر الأحمر، حسب ما ذكر البنتاغون في الوثائق.
ويشكل مبلغ 300 مليون دولار الجزء الأكبر من الإنفاق المتوقع للبنتاغون خلال عام كامل من العمليات في الشرق الأوسط. وسيخصص هذا المبلغ لصيانة السفينة الهجومية “يو.إس.إس.باتان” والسفن التابعة لمجموعة “يو.إس.إس.آيزنهاور”، التي نفذت عمليات في البحر الأحمر، وفقا لما ذكره البنتاغون في الوثائق.
وصدت الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بمساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى، وابلا من حوالي 300 طائرة بدون طيار وصاروخ أطلقتها إيران في أبريل/نيسان.
ويرتبط الإنفاق “بالتكاليف التي تكبدتها وزارة الدفاع داخل منطقة القيادة المركزية الأميركية، في الاستجابة للوضع في إسرائيل، أو للأعمال العدائية في المنطقة، كنتيجة مباشرة للوضع في إسرائيل”، كما تقول إحدى الوثائق.
ويكلف كل صاروخ “ستاندرد-3 بلوك. أي بي” المتطور بين 9 ملايين و10 ملايين دولار.
وأطلقت مدمرتان تابعتان للبحرية، هذا الأسبوع، حوالي 12 صاروخا من طراز ستاندرد دفاعا عن إسرائيل، بعد موجة أخرى من الهجمات الإيرانية، وفقا لمسؤول في البحرية رفض الكشف عن هويته.
وهذا يعني أن المساعدة الأميركية، هذا الأسبوع، كلفت على الأرجح حوالي 120 مليون دولار.
وتكشف الوثائق أيضا عن طلبات بقيمة 276 مليون دولار لشراء صواريخ ستاندرد إضافية من طراز “إس إم -6” بالإضافة إلى 57.3 مليون دولار لصواريخ توماهوك كروز.
وتم تخصيص 6.7 مليون دولار أخرى لصاروخ للدفاع الذاتي. وجميع هذه الأسلحة من صنع شركة “آر.تي.إكس”.
كما سينفق البنتاغون 25 مليون دولار على مجموعات توجيه “GPS-Jdam” من شركة بوينغ. و7.4 مليون دولار على قنابل أخرى صغيرة القطر.
وسيتم تخصيص 25 مليون دولار أخرى “لزيادة مصادر التصنيع” للصاروخ ستاندرد، لدعم استجابة البنتاغون لما يسميه “الوضع في إسرائيل”.
ويتضمن الطلب مبلغ 26.4 مليون دولار لاستبدال معترضات الطائرات بدون طيار “كويوتي بلوك 2” من آر.تي.إكس، “التي تم استنفادها منذ أكتوبر 2023 لدعم استجابة وزارة الدفاع للوضع في إسرائيل”، كما ذكرت الوثيقة.
وسيتم إنفاق 20 مليون دولار أخرى على صواريخ “BAE Systems PLC” الموجهة بالليزر من نظام أسلحة القتل الدقيق المتقدم.
ووقع الرئيس جو بايدن حزمة مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 95 مليار دولار في أبريل/ نيسان، لتخصيص التمويل لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
بالإضافة إلى ذلك، سمح قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024 بالإنفاق العسكري بمبلغ قياسي قدره 886 مليار دولار.
ووفق معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، زاد الإنفاق العالمي على التسلح خلال 2023 بنسبة 6.8 بالمئة عن العام 2022 إلى تريليونين و443 مليار دولار بسبب اندلاع الحروب أو الخشية من اندلاعها، وهو ما يعكس تدهور الأمن والسلم والدوليين.
وتصدرت الولايات المتحدة الأميركية قائمة المنفقين على صفقات السلاح تلتها الصين ثم روسيا والهند والسعودية، حسب المعهد.
وجاءت إسرائيل في المرتبة الخامسة من الإنفاق على التسلح، وتبعها في الترتيب كل من بريطانيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، على التوالي.
واستحوذت الولايات المتحدة على ثلث الإنفاق العسكري العالمي خلال العام الماضي بما قيمته 916 مليار دولار، في حين رفعت الصين إنفاقها العسكري للعام الـ29 على التوالي بزيادة قدرها 6% إلى 296 مليار دولار.
وحفزت الحرب الروسية على أوكرانيا دول حلف شمال الأطلسي الناتو التي تستأثر بـ55% من الإنفاق العسكري العالمي.
جان نوير بارو سيزور الرياض وقطر والأردن قبل أن يصل إلى إسرائيل بالتزامن مع إحياء ذكرى مرور عام على هجوم حماس.
من جانبه يؤدي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو زيارة إلى السعودية اليوم الجمعة في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية في إطار سعي باريس لإنعاش الجهود الدبلوماسية في المنطقة والدفع باتجاه وقف لإطلاق النار في لبنان.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن بارو سيزور الرياض وقطر والأردن ثم إسرائيل قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول حين تحيي إسرائيل ذكرى مرور عام على الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على جنوب البلاد.
وفي سياق متصل حض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المجتمع الدولي اليوم الجمعة على تجنب “المعايير المزدوجة” في الصراعات العالمية بما فيها الشرق الأوسط وأوكرانيا أثناء افتتاحه قمة الفرنكوفونية.
وأصر ماكرون على أن الدول الناطقة بالفرنسية يمكن أن تقدم معا مساهمة كبيرة في السلام العالمي، حتى مع قول المحللين إن نفوذ فرنسا العالمي يتضاءل خصوصا في إفريقيا.
وقال ماكرون “أعتقد أن العالم الناطق بالفرنسية هو، نعم، مكان يمكننا فيه أن نتمتع بدبلوماسية معا للدفاع عن السيادة والسلامة الإقليمية في كل مكان عبر الكوكب”.
ورأى الرئيس الفرنسي أن العالم الفرنكوفوني “يقول الخطاب نفسه عن أوكرانيا التي تتعرض اليوم للهجوم، وتهدد حدودها وسلامة أراضيها بالحرب العدوانية الروسية”.
وأضاف “لكنها تدافع أيضا عن رؤية لا مجال فيها للمعايير المزدوجة، حيث تكون كل الأرواح متساوية في كل الصراعات في كل أنحاء العالم”.
وكان ماكرون أعرب في وقت سابق عن انزعاجه إزاء حملة عسكرية إسرائيلية في لبنان قائلا إن عدد الضحايا المدنيين “مروع للغاية”.
ومنذ 23 بتمبر/أيلول، تصاعدت حدة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل التي تشنّ غارات مدمّرة تتركز على مناطق في جنوب لبنان وشرقه وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعتبر معاقل لحزب الله.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك اليوم الجمعة إن عدد القتلى المدنيين في لبنان جراء الحملة الإسرائيلية على جماعة حزب الله اللبنانية “غير مقبول بالمرة”.
وأضاف دوجاريك للصحفيين “يجب على جميع الأطراف بذل كل ما في وسعهم في جميع الأوقات لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان عدم تعرض المدنيين للأذى على الإطلاق”.
وبحسب ماكرون فإن لبنان “اهتزت اليوم سيادته وسلامه”، بينما أصر على أنه “لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط دون حل الدولتين” بين إسرائيل والفلسطينيين.
وهذه المرة الأولى التي تعقد فيها القمة في فرنسا منذ 33 عاما وتعقد في فيلير كوتوريه شمال باريس، وفي العاصمة الفرنسية السبت.
النزاع في الشرق الأوسط يخيّم على الانتخابات الأميركية
خبير سياسي في جامعة ميشيغان يحذّر من تأثير المخاوف حيال مصير الفلسطينيين على نتيجة السباق الرئاسي في الولايات المتحدة.
على صعيد الانتخابات الرئاسية الامريكية مع تصاعد النزاع في الشرق الأوسط وارتفاع وتيرة الهجمات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، تزيد مخاوف المرشحان للانتخابات الأميركية من تأثير الوضع على نتائج صناديق الاقتراع في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم، فيما تتباين المواقف الدولية حول الغارات الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل العديد من قيادات حزب الله وحماس.
وتجد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس نفسها في وضع حساس في وقت تحافظ على خط الرئيس جو بايدن الداعم لإسرائيل حليفة الولايات المتحدة، في ظل خطر تهميش الناخبين الأميركيين المسلمين والمتحدّرين من أصول عربية.
وفي الأثناء، استغل دونالد ترامب النزاع للتحذير من حرب عالمية ثالثة، وهو تنبؤ كارثي يحمّل الإدارة الحالية المسؤولية عنه. وأعلن المرشح الجمهوري الأربعاء عن خطط لحضور مراسم في فلوريدا مع أفراد الجالية اليهودية لإحياء ذكرى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي شنّته حماس على إسرائيل.
وقال في رسالة أرفقها بالإعلان إن “السياسات الفاشلة والتي تفتقر إلى الكفاءة لإدارة هاريس وبايدن مكّنت الوكلاء المدعومين من إيران الذين رسموا مسارا من الموت والدمار، وهو أمر كانت له تداعيات عالمية كارثية”.
ويصرّ ترامب كما يفعل منذ نحو عام على أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أسفر عن مقتل 1205 أشخاص في إسرائيل، معظمهم مدنيون، ما كان ليحصل لو أنه كان في السلطة.
ويأمل الرئيس الأميركي السابق (78 عاما) بأن يعزز تركيزه على الشرق الأوسط شعبيته في أوساط الناخبين اليهود، وهي شريحة لطالما كانت تصوّت للديموقراطيين وتفضّل هاريس إلى حد كبير قبيل انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال عن هاريس (59 عاما) أثناء مناظرتهما المتلفزة “إنها تكره إسرائيل”، معتبرا أنه في حال انتُخبت هاريس “فستختفي تل أبيب برأيي من الوجود في غضون عامين. وأعتقد بأنني محق 100 بالمئة”.
ويرجّح بأن ترامب يتطلع لكسب الأصوات في نيويورك وبنسلفانيا اللتين تضمان عددا كبيرا من السكان اليهود، لكن نبرته العدائية انعكست سلبا عليه أحيانا.
واتّهم السناتور الديمقراطي تشاك شومر، وهو المسؤول اليهودي المنتخب الأعلى مستوى في الولايات المتحدة، بأنه شخص “يفتخر بأنه عضو في حماس”.
وفي إطار مناشدته اليهود للتصويت له، قال إنه ما لم يفز في الانتخابات “فستكون الخسارة إلى حد كبير مرتبطة باليهود”، وهي تصريحات اعتُبرت فورا معادية للسامية.
وقالت اللجنة الأميركية اليهودية إن “قول خسرنا بسبب اليهود أمر شنيع وخطير”، بينما دان المجلس اليهودي للشؤون العامة استخدامه “عبارات معادية للسامية”.
ووفق نظام الولايات المتحدة الانتخابي الفريد حيث يمكن لولاية واحدة بأن تؤثر على النتيجة بأكملها، ركّزت حملة هاريس أنظارها على ميشيغان، لكنها ولاية متأرجحة، تصوّت مرّة للجمهوريين وأخرى للديمقراطيين تضم جالية كبيرة من المتحدرين من أصول عربية، حيث يراقب الناخبون بينما ترتفع حصيلة القتلى المدنيين في غزة.
ويحذّر الخبير السياسي في جامعة ميشيغان مايكل تروغوت من أن “المخاوف حيال مصير الفلسطينيين يمكن أن يكون لديها تأثير على نتيجة السباق هناك”. وأضاف أن التوغلات الإسرائيلية والقصف الجوي على لبنان يمكن أن يكون له تأثير إضافي، رغم أنه “ما زال من المبكر جدا تحديد ذلك”.
وعلى اعتبارها مرشحة الحزب الديمقراطي المنقسم حيال تحرّكات تل أبيب في الشرق الأوسط، تحاول هاريس تحقيق موازنة صعبة. وسارت على خطى بايدن عبر التعهّد بدعم إسرائيل قائلة إنها “ستضمن دائما بأن إسرائيل تملك القدرة على الدفاع عن نفسها”، لكنها كانت أكثر إصرارا من الرئيس في دعواتها لوقف إطلاق النار.
وقالت في معرض حديثها عن الوضع الإنساني في غزة “لن أصمت”، بينما تغيّبت عن كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس في يوليو/تموز والتي اختار العديد من الديمقراطيين مقاطعتها.
مصر تدعم جوتيريش بعد “الحملة الإسرائيلية المغرضة”
من جانبها رحبت مصر بدعم مجلس الأمن الدولي لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مجددة تضامنها الكامل معه في مساعيه لإعلاء قيم ومبادئ الأمم المتحدة وميثاقها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، إن غوتيريش يتعرض”لحملة مغرضة” تشنها إسرائيل عليه، بعد إعلانها مؤخرا اعتباره شخصا غير مرغوب فيه.
وجدد المتحدث دعم مصر الكامل وتضامنها مع غوتيريش، الذي انحاز طوال فترة عمله ومسيرته المهنية لميثاق الأمم المتحدة والمبادئ والقيم الأممية النبيلة الداعية لاحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتحقيق العدالة واحترام حق تقرير المصير.
كما أشاد المتحدث المصري بدور غوتيريش المشهود في دعم السلم والأمن الدوليين ومواقفه الأخلاقية الملهمة التي يدافع عنها بإخلاص وقناعة كاملة سيشهد لها التاريخ.
وأول أمس أعلنت إسرائيل أنطونيو غوتيريش شخصا غير مرغوب فيه، وشن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، هجوما جديدا على الأمين العام للأمم المتحدة.
وعلى مدار شهور الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، شنت إسرائيل هجمات متكررة على غوتيريش، بسبب مواقفه من الحرب، ودعوته لإيقافها ومراعاة الوضع الإنساني في غزة، ووصفه مسئولون إسرائيليون بأنه “معاد لإسرائيل”.
وذكرت الخارجية الإسرائيلية، في بيانها الأربعاء، أن “وزير الخارجية قرر إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، شخصية غير مرغوب فيها في إسرائيل ومنع دخوله إلى البلاد”، ووصفت الخارجية غوتيريش بأنه “يكره إسرائيل، ويقدم الدعم للإرهابيين والمغتصبين والقتلة”.
وزعمت أن التاريخ “سيذكر جوتيريش باعتباره وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة”، مضيفة أن “إسرائيل ستواصل حماية مواطنيها والحفاظ على مكانتها وشرفها الوطني مع أو بدون أنطونيو غوتيريش”.
وعبرت عدة دول عن دعمها لغوتيريش بعد الهجوم الإسرائيلي، وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن “هذه الممارسات إرهاب دولة منظم تمارسه إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، تجاه المنظمات والشخصيات الأممية، والقامات الدولية كالأمين العام للأمم المتحدة، وكل العاملين بمؤسسات القانون الدولي، والمقررين الخاصين واللجان الدولية ولجان التحقيق”.
وذكرت أن هذه الحملات تستهدف “تقويض عملهم ومحاولة لثني المنظومة الدولية عن أداء دورها وقيامها بمهامها وفقا للمبادئ والمواثيق الدولية، ولإسكات صوتهم، وهو ما يتناقض مع السياسات والممارسات الإجرامية الإسرائيلية”.
كوشنر يستأنف المفاوضات مع السعودية للتطبيع مع إسرائيل
تحركات كوشنر تظهر الأهمية التي يوليها الجمهوريون والديمقراطيون للشرق الأوسط في غمرة منافسة انتخابية رئاسية محتدمة.
فى سياق اخر قال مصدر إن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أجرى مفاوضات دبلوماسية تشمل إسرائيل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بضع مرات منذ مغادرة البيت الأبيض، وتضمنت نقاشا بشأن عملية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
وذكرت وكالة رويترز أن المصدر المطلع على المناقشات لم يحدد متى جرت المحادثات وما إذا كانت جرت قبل أو بعد بدء الصراع في غزة. لكنها شملت التطبيع بين السعودية واسرائيل وهو هدف دبلوماسي رئيسي لكل من إدراتي الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن والسابق ترامب.
وكان كوشنر أحد أهم المساهمين في صياغة اتفاقيات إبراهيم للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية، ويرتبط بعلاقة وثيقة مع السعودية التي يقول محققون من الكونغرس إنها استثمرت ملياري دولار في شركته للاستثمارات الخاصة أفينيتي بارتنرز التي أسسها كوشنر بعد مغادرة البيت الأبيض.
وتوضح الأنباء عن مناقشة كوشنر وولي العهد، اتفاق سلام حاول الرئيس الأميركي جو بايدن أيضا التوسط فيه، الأهمية التي يوليها الجمهوريون والديمقراطيون للشرق الأوسط المتزايد اضطرابا في غمرة انتخابات رئاسية محتدمة بشدة.
وتشير المحادثات أيضا إلى الكيفية التي قد يدير بها ترامب الأزمة في المنطقة إذا أعاده الناخبون إلى السلطة وتجدد التساؤلات حول مدى تأثير العلاقات المالية بين كوشنر والرياض على السياسة الأميركية في ظل حكم والد زوجته.
وذكر كوشنر، في تصريحات سابقة إن اتفاقيات إبراهيم للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية أصبحت أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى في ضوء الصراع الدائر في الشرق الأوسط.
وأضاف أثناء المشاركة في مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض “يتعين أن تنعم إسرائيل بأمنها… ويتعين أن يحظى الفلسطينيون بفرصة لحياة أفضل”.
وقال كوشنر إن أمن إسرائيل مرتبط بالدول المجاورة لها وقدرتها على حماية مواطنيها “أمر بالغ الأهمية… وغير قابل للتفاوض”. وتابع أن الفلسطينيين بحاجة إلى “فرصة لعيش حياة أفضل” لكن “الأمر لا يقتصر على قول: دعونا نقيم دولة، بل يجب أن تكون دولة قادرة على أداء مهامها وتحقيق الازدهار”.
وذكر كوشنر أن التغييرات في السعودية على مدى نصف العقد المنصرم “غيرت مسار الشرق الأوسط” وسمحت “بحدوث أمور مثل اتفاقيات إبراهيم”، وفقا لما نقلت عنه رويترز.
وأشار كوشنر إلى أن هدف هجوم حماس على إسرائيل كان تعطيلا التطبيع. وأضاف في تصريحات أوردتها فرانس برس إن “التقدم بين السعودية وإسرائيل كان يمضي بشكل جيد للغاية، وأعتقد أن ذلك يشكل تهديدا كبيرا لقوى الشر”.
وتابع “إذا استمرت اتفاقيات أبراهام واجتمع الجميع سويا، فمن الواضح أن هذا شيء سيرغب الناس (الأشرار) في إيقافه”.
وأكد مسؤولون في إدارة بايدن، في وقت سابق أن صفقة تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية “كانت في المتناول”، لكن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، تراجعت عن الاتفاق التاريخي بدلا من قبول مطالب الرياض بتقديم التزام جديد تجاه إقامة دولة فلسطينية ووقف حرب غزة.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الثلاثاء، إن السعوديين “أوضحوا أن التطبيع سيتطلب هدوء في غزة ومسارا موثوقا به نحو دولة فلسطينية”، مرجحا أن “إسرائيل غير قادرة أو غير راغبة في السير في هذا المسار خلال هذه اللحظة”.
ولأشهر، أملت الإدارة الأميركية أن ينتزع نتانياهو “الجائزة المنشودة” منذ فترة طويلة وهي التطبيع مع الرياض كجزء من اتفاق شامل يهدف إلى وقف حرب غزة وتحويل الانقسامات الراسخة في المنطقة، حسبما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
لكن نتنياهو، تحت ضغط من أعضاء يمينيين في ائتلافه الحاكم ويكافح من أجل بقائه السياسي، لم يوقع بعد على عناصر الصفقة التي تعد أساسية للحصول على موافقة السعودية، وفقا للمصدر ذاته.