بعد سقوط الأسد.. نظام جديد بالشرق الأوسط يلوح في الأفق
صراع النفوذ الدولي يحتدم في سوريا .. اعتبر البعض في الغرب انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، وقرار روسيا بالوقوف جانباً والسماح بحدوث ذلك، مؤشراً على التمدد الإمبراطوري المفرط لموسكو وتراجع نفوذها الإقليمي ... أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني

بعد سقوط الأسد.. نظام جديد بالشرق الأوسط يلوح في الأفق

كتب : وكالات الانباء
الخوف والأمل يلونان الدراما التي تتكشف في سوريا يوماً بعد يوم، فبعد السقوط المذهل لنظام بشار الأسد، يتركز الاهتمام على النظام الجديد الذي يتشكل في دمشق والجهات الفاعلة الإقليمية القوية التي قد تؤثر عليه.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست“، فقد أعلن المحللون بالفعل عن الفائزين والخاسرين الجيوسياسيين مما حصل: إيران وروسيا، الداعمين للأسد منذ فترة طويلة، أكبر الخاسرين، بينما تركيا التي دعمت المتمردين السوريين بدرجات متفاوتة، وإسرائيل، التي نفذت حملة قصف قاسية على أهداف عسكرية سورية وحركت قوات برية عبر مرتفعات الجولان، تشعران بجرأة أكبر.
مستقبل مجهول
وفي الوقت الذي تتولى فيه الجماعة المسلحة التي أطاحت بالأسد زمام عملية الانتقال السياسي في البلاد، بدأت الحكومات الغربية في إعادة إشراك سوريا في المسار الدبلوماسي.
يوم الثلاثاء، رفع العلم الفرنسي فوق السفارة الفرنسية في دمشق لأول مرة منذ 12 عاماً. ومن المقرر أن تزور باربرا ليف، أكبر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، العاصمة السورية بالأيام المقبلة.
لكن لا تزال الكثير من الأمور مجهولة. فقد تظاهر مئات السوريين يوم الخميس في قلب دمشق ودعوا السلطات الجديدة إلى الحفاظ على دولة علمانية شاملة. بينما يستعد الأكراد في شمال شرق سوريا لمعارك محتملة مع الميليشيات المدعومة من تركيا.
وكما ذكرت التقارير، واجه أعضاء الأقلية العلوية هجمات انتقامية وعمليات قتل على أيدي الجماعات المتمردة التي قمعتها منذ فترة طويلة نصف قرن من الديكتاتورية.
ديناميات جديدة
وتشير الصحيفة إلى أن سقوط الأسد أوضح بعض الديناميات الآخذة في التطور، إذ كان زوال النظام سبقه تدمير إسرائيل التكتيكي لجماعة حزب الله اللبنانية، الوكيل الإيراني الذي كان حيوياً لتأمين نظام الأسد على مدى عقد من الحرب الأهلية. علاوة على ذلك، بعد الدفاع عنه لسنوات، لم تكن كل من إيران وروسيا قادرة أو حتى راغبة في إبقاء الأسد في السلطة.
لذا تعتبر الصحيفة أن الإطاحة بالأسد يُمثل تغييراً سياسياً في الشرق الأوسط.
كتبت لينا الخطيب، المحللة في الشرق الأوسط في مركز تشاتام هاوس البريطاني للأبحاث: “مثلما شهد عام 1989 نهاية الشيوعية في أوروبا، فإن هروب الأسد إلى موسكو يشير إلى زوال أيديولوجية المقاومة المعادية للغرب وإسرائيل في الشرق الأوسط”.
وتضيف “الآن، يبدو أن إسرائيل أصبحت جدول أعمال الشرق الأوسط. لقد حطمت أعدائها الأقرب في حزب الله وحركة حماس الفلسطينية على حساب عشرات الآلاف من أرواح المدنيين وتصاعد المزاعم بأنها ارتكبت جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة”.
وأشارت إلى أن هذه الحملات الإسرائيلية عرقلت العدو الإقليمي إيران. ومع وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى منصبه الشهر المقبل، أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في موقف قوي لمواصلة دفع أجندة إسرائيل في المنطقة.
في مقال في الشؤون الخارجية، حدد كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين السابقين عاموس يادلين وأفنير جولوف استراتيجية من شأنها أن تنشئ “نظاماً إسرائيلياً في الشرق الأوسط.
دبلوماسية إسرائيل
وقال: “دعوا إلى دفع دبلوماسي لزيادة ربط إسرائيل بالدول العربية والمجاورة، وهو جهد معقد يتطلب شراكة أمريكية وتنازلات إسرائيلية في نهاية المطاف لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الفعلي. لكن هذا سيتطلب أيضاً من نتانياهو تحدي أعضاء اليمين المتطرف الرئيسيين في ائتلافه الحاكم، الذين يتصورون أن إسرائيل ستضم قريباً أجزاء من الضفة الغربية وحتى إقامة مستوطنات في غزة”.
وكتب يادلين وجولوف: “خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أعادت إسرائيل تأكيد قدرتها على تشكيل السياسة والأمن في الشرق الأوسط.. بدون قيادة شجاعة، يمكن أن تفلت فرصة إسرائيل. إن تطلعات الأعضاء المتطرفين في ائتلاف نتانياهو لضم أجزاء من غزة والضفة الغربية، أو فرض حكم عسكري في غزة، أو متابعة أجندة داخلية مستقطبة تضعف المؤسسات الديمقراطية، ستعيق بشدة هذا التقدم”.
لكن هناك لاعب إقليمي آخر يستشعر لحظته أيضاً، بحسب وصف الصحيفة. فقد كان نظام الأسد محوراً لما وصفه المحللون منذ فترة طويلة بـ”الهلال الشيعي” الإيراني، وهو قوس من النفوذ والجماعات الوكيلة التي ربطت طهران بالبحر الأبيض المتوسط.
ومع رحيل الأسد ورعب حزب الله، كتب حسن حسن في صحيفة “غارديان”، ربما نراقب نهاية الهلال الشيعي الإيراني الذي كان يُخشى منه منذ فترة طويلة، كذلك صعود تركيا، وإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي من القرن الأفريقي إلى بلاد الشام وأفغانستان”.
موقف إيران
وكلاء تركيا في موقع قيادي في دمشق ومستعدون للسيطرة على مزيد من السيطرة في شمال شرق سوريا. لطالما دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإطاحة بالأسد، ويبدو الآن مبرراً في نهجه. كما لعب دوراً أكبر كرجل دولة إقليمي، حيث توسط مؤخراً في اتفاقيات سلام بين إثيوبيا والصومال، بينما عزز تحالف تركيا مع أذربيجان، وهي دولة بترولية مسلحة جيداً على عتبة إيران.
حتى أن ترامب وصف التمرد السوري بأنه “استيلاء غير ودي” من قبل تركيا، وهي رواية رفضتها أنقرة.
وقال وزير الخارجية هاكان فيدان في مقابلة: “لن نسميها استيلاء، لأنه سيكون من الخطأ الفادح تقديم ما يحدث في سوريا بهذه المصطلحات”، مضيفاً أن الإطاحة بالأسد تعكس “إرادة الشعب السوري”، وأنه من المهم للشرق الأوسط أن يتجاوز “ثقافة الهيمنة“.
وقال فيدان: “ليست هيمنة تركية، ولا إيرانية، ولا عربية، بل إنه التعاون يجب أن يكون ضرورياً”.
وفي سوريا، يعتقد المحللون أن إيران قد تحاول بعناية شق طريقها إلى الوراء، مستغلة الفراغات الأمنية والاضطرابات المحتملة بين الأقليات العرقية.
يقول الصحافي السوري إبراهيم حميدي: “نعلم جميعاً أن إيران خسرت وقتاً كبيراً مع سقوط الأسد، ونعلم أيضاً أن إيران تتحلى بالصبر في الوقت الحالي.. يستغرق الأمر بضع خطوات إلى الوراء لتحديد كيفية التعامل مع الوضع الجديد”.
صراع النفوذ الدولي يحتدم في سوريا
بينما قال أمين صيقل، الأستاذ الفخري لدراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الجامعة الوطنية الأسترالية، إن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا كتب فصلاً جديداً من التنافس الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وأضاف صيقل في مقاله بموقع “آسيا تايمز” أن التركيز تحول بعيداً عن حلفاء الأسد التقليديين، إيران وروسيا، إلى مواجهة متصاعدة بين إسرائيل وتركيا، اللتين تشكل طموحاتهما المتضاربة مستقبل المنطقة غير المؤكد.
وأصبحت العلاقة بين إسرائيل وتركيا متوترة بشكل متزايد تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والرئيس رجب طيب أردوغان، مع ظهور سوريا كأحدث ساحة معركة لمنافستهما.
دور تركيا وتطلعاتها
وقال الكاتب إن تركيا، تحت قيادة أردوغان، كانت قوة محورية في إزاحة الأسد، حيث دعمت هيئة تحرير الشام المتمردة في هجومها للإطاحة بالنظام، مما أدى بشكل غير مباشر إلى تقويض نفوذ إيران وروسيا في سوريا، وسمح هذا الدعم لأردوغان بوضع تركيا كقوة مركزية في المنطقة.
واستشهد أردوغان مراراً وتكراراً بإرث الإمبراطورية العثمانية، مشيراً إلى أن مدناً مثل حلب ودمشق ربما كانت جزءاً من تركيا إذا تم رسم حدود ما بعد الحرب العالمية الأولى بشكل مختلف.
وفي أعقاب الإطاحة بالأسد، أعادت تركيا فتح سفارتها في دمشق وتعهدت بمساعدة هيئة تحرير الشام في تشكيل مستقبل سوريا.
وكان جزء رئيس من استراتيجية أردوغان هو معارضة أي تنازلات للأقلية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، والتي يتهمها بالارتباط بالانفصاليين الأكراد داخل تركيا.
التحركات الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا
وأشار الكاتب إلى استغلال إسرائيل الفراغ الذي تركه نظام الأسد لتأمين مصالحها الإقليمية والأمنية. فشنت توغلاً في الجانب السوري من مرتفعات الجولان وأجرت غارات جوية واسعة النطاق على البنية التحتية العسكرية السورية، بما في ذلك مستودعات الذخيرة والطائرات المقاتلة ومرافق الأسلحة الكيميائية.
وبرر المسؤولون الإسرائيليون هذه الإجراءات بالقول إنها ضرورية لمنع وقوع هذه الأصول في أيدي المتطرفين الذين قد يهددون الدولة اليهودية. وقوبلت التوغلات الإسرائيلية بإدانة من تركيا، التي تتهم إسرائيل بالاستيلاء على الأراضي في سوريا.
وقال الكاتب إن احتمالية وجود نظام جهادي تحت حكم هيئة تحرير الشام تثير قلق إسرائيل، رغم أن زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع (المعروف أيضاً باسم أبومحمد الجولاني) لم يبد أي نية لمواجهة إسرائيل وتعهد بعدم السماح باستخدام الأراضي السورية لشن هجمات ضدها.
ورغم ذلك، دعا الشرع إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة منذ عام 1973، مما أدى إلى زيادة التوتر في العلاقات بين البلدين.
أردوغان ونتانياهو.. تاريخ من التوترات
وأدى دعم أردوغان طويل الأمد للقضية الفلسطينية وانتقاده الصريح لإسرائيل إلى تأجيج العداء بينه وبين نتانياهو. وأدى الصراع المستمر في غزة إلى تصعيد التوترات، حيث اتهم أردوغان إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” كما أدان غزو إسرائيل الأخير للبنان.
في المقابل، انتقد نتانياهو أردوغان ووصفه بأنه “ديكتاتور”، وتتجلى هذه العداوات العميقة الجذور بين الزعيمين الآن في سوريا، حيث يسعى كل منهما إلى تحقيق أهداف متضاربة.
عملية الموازنة في واشنطن
ورأى الكاتب أن الولايات المتحدة تواجه تحدي إدارة التنافس بين حليفتيها، تركيا وإسرائيل، مع حماية مصالحها في سوريا. وتسعى واشنطن إلى توجيه هيئة تحرير الشام نحو نموذج حكم يتماشى مع الأولويات الأمريكية، بما في ذلك دعم حلفائها الأكراد في شمال شرق سوريا، والحفاظ على وجود 1000 جندي أمريكي في المنطقة.
ومع ذلك، يقول الكاتب إن الموازنة بين هذه الأهداف والطموحات المتضاربة لتركيا وإسرائيل مهمة حساسة، بحسب الكاتب.
ويتكهن بعض المحللين بأن التنافس قد يتصاعد إلى مواجهة عسكرية مباشرة إذا سعت إسرائيل إلى توسيع نطاق سيطرتها على الجولان، وهي مرتفعات بالغة الأهمية من الناحية الاستراتيجية.
النكسة الاستراتيجية لإيران
وأضاف الكاتب “يمثل سقوط نظام الأسد ضربة قوية لإيران، التي استثمرت بكثافة في دعم حكومته، إذ أنفقت إيران قرابة 30 مليار دولار لدعم ديكتاتورية الأسد التي يقودها العلويون، مما يجعل الإطاحة به خسارة باهظة الثمن”.
كما يحرم ذلك إيران من جسر بري وجوي حيوي لحزب الله، وكيلها القوي في لبنان.
ويزيد الوضع الإيراني في سوريا سوءاً موقف زعيم هيئة تحرير الشام الذي يرفض التعاون مع إيران وحزب الله، بينما يعطي الأولوية لإعادة إعمار سوريا والوحدة الوطنية.
روسيا في سوريا.. انتكاسة ومرونة استراتيجية أيضاً
وحسب هذا التفكير من الواضح أن “العملية العسكرية الخاصة” الجارية التي يشنها الكرملين في أوكرانيا تضغط على الجيش الروسي إلى درجة جعلته عاجزاً عن وقف المد المتدحرج للمتمردين، فكان عاجزاً وغير راغب بدعم النظام أكثر من ذلك.
ورغم جاذبية هذه الرواية، دعا الباحث البارز في معهد الأمن القومي بجامعة ميسون جوشوا هيومينسكي المحللين الغربيين إلى الحذر من التركيز الكبير على فكرة أن روسيا كانت عاجزة عن المساعدة ومن عدم التركيز بشكل كافٍ على واقع بسيط مفاده أنها كانت غير راغبة بذلك.
وبحسب الكاتب، فإن من المرجح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأى في دعم روسيا للأسد ترتيباً منخفض الكلفة نسبياً وعالي التأثير، لكن مع تقدم المتمردين، خسر فائدته.
استخفاف بالدب الروسي
وكتب هيومينسكي في موقع “بريكينغ ديفنس” أن الاستراتيجية تتلخص أساساً في المقايضات، وهنا يبدو أن موسكو اتخذت قراراً واضحاً بأن الفائدة المترتبة على مواصلة دعم نظام الأسد لم تكن تستحق الكلفة.
وشكل سقوط بشار الأسد انتكاسة لموسكو، فمنذ التدخل في سوريا سنة 2015، قدم الكرملين دعماً مالياً وسياسياً كبيراً للأسد، وهذا الاستثمار يعد صغيراً نسبياً عند تقييمه بالمقارنة مع الموارد التي ضختها أمريكا في المنطقة مثلاً، وبالمقابل اكتسب الكرملين موطئ قدم في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. وكانت قواعده البحرية في البلاد بمثابة محطة لإعادة التزود بالوقود في البحر المتوسط ونقطة انطلاق للعمليات في أفريقيا.
احتمالان متساويان
وسارع البعض للإشارة إلى تأثير أوكرانيا على العمليات الروسية في سوريا، لكن بحسب الكاتب، يشكل هذا سوء فهم لدور موسكو في البلاد، الذي اقتصر إلى حد ما على توفير القوة الجوية والمستشارين، مع بعض المقاولين العسكريين من القطاع الخاص.
والسؤال هو هل كانت روسيا لتكون أكثر استعداداً لمواجهة تقدم المتمردين دون الحرب الأوكرانية؟ هذا محتمل بحسب الكاتب، لكن من المحتمل أيضاً أن النظام قد أصبح قضية خاسرة، فالسرعة التي انهار بها، تعكس ضعفاً عسكرياً وتنظيمياً وتكتيكياً كبيراً، وأي هجوم مضاد بالنيابة عن النظام سيكون باهظ الثمن مادياً وعسكرياً.
كما أثبت نظام الأسد لموسكو أنه شريك متقلب وصعب، إذ رفض التعامل مع المعارضة، جعل البلاد جزءاً من نفوذ إيران.
مصير القوات الروسية
ويضيف الكاتب أن الموقف الروسي الجديد في سوريا ما زال غير معروف، وتشير التقارير الأولية إلى أن القوات الروسية تعيد تموضعها داخل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس، وربما تخلي البلاد بالكامل.
ومن المرجح وفق الكاتب أن تلعب الكراهية المؤكدة تجاه روسيا بسبب قسوتها بالنيابة عن نظام الأسد، وتمكينه من البقاء في السلطة، دوراً في التطورات.
ومع ذلك، لا يوجد ما يضمن أن تسعى هيئة تحرير الشام إلى طرد القوات الروسية بشكل دائم من البلاد، بل قد تسعى إلى تحويل موسكو من خصم إلى مجرد طرف محايد.
انتكاسة ومرونة
وبحسب الكاتب فإن تقاعس الكرملين عن دعم الأسد، يرسل رسالة إلى الأنظمة الأوتوقراطية في أفريقيا، بأن موسكو مستعدة لمواصلة دعم النظام طالما كان فائزاً وقادراً على الاحتفاظ بالسلطة ــ وراغباً بالاستماع إلى نصيحة الكرملين. وعندما يصبح النظام غير قادر على القيام بذلك، يتخذ الكرملين قراراً استراتيجياً ويغير مساره.
ويختم الكاتب أن سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، لكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين الاستراتيجية. والتركيز فقط على الانتكاسة وتفويت المرونة يخاطر بمفاجأة استراتيجية سواء في سوريا أو في أماكن أبعد.
تلاعب أميركى بالغاء مكافأة اعتقال الجولاني ..”10 ملايين دولار”
على صعيد التعاون الامريكى مع الجماعات الارهابية أبلغت مبعوثة أميركية زعيم الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، يوم الجمعة، بإلغاء المكافأة المالية المخصصة لمن يدلي بمعلومات تساعد في اعتقاله، بينما رحبت بـ”الرسائل الايجابية” التي أعرب عنها خلال المحادثات معه وتضمنت تعهدا بمحاربة الإرهاب.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف إنها أبلغت الشرع بـ”الحاجة الملحة لضمان عدم قدرة الجماعات الإرهابية على تشكيل تهديد داخل سوريا أو خارجها، بما في ذلك على الولايات المتحدة وشركائنا في المنطقة”.
وأضافت ليف للصحافيين بعد لقائها الشرع في دمشق “أحمد الشرع التزم بذلك”.
وتابعت “بناء على محادثاتنا، أبلغته أننا لن نتابع تطبيق عرض برنامج مكافآت من أجل العدالة الذي كان ساريا منذ سنوات عدة”.
وكانت مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “إف بي آي” قد عرض عام 2017 مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال الشرع الذي كان معروفا حينها باسم أبو محمد الجولاني.
وقالت ليف التي شاركت في أول زيارة رسمية لوفد أميركي إلى دمشق منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية الدامية إن الشرع “أظهر أنه براغماتي”، لافتة إلى أن المحادثات معه كانت “جيدة للغاية ومثمرة جدا ومفصلة”.
أضافت “رحبنا بالرسائل الإيجابية” للشرع بعد أن أطاحت هيئة تحرير الشام بنظام الأسد.
وأردفت “نريد إحراز تقدم بالاستناد على هذه المبادئ والأفعال، وليس مجرد الأقوال”.
ولا يزال الجولاني ومقاتليه في “هيئة تحرير الشام” مدرجين في القائمة الأميركية السوداء للإرهاب.
لم تعلق ليف على هذا التصنيف، لكنها قالت بعد مناقشاتها مع الشرع “من غير المنطقي أن يتم رصد مكافأة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على هذا الرجل”.
وأشارت ليف إلى أنها أكدت له أيضا أهمية “التشاور الواسع خلال هذه الفترة الانتقالية”.
وشددت “نحن ندعم بالكامل عملية سياسية بقيادة سورية وملكية سورية تؤدي إلى حكومة جامعة وتمثيلية تحترم حقوق جميع السوريين، بما في ذلك المرأة والمجتمعات السورية المتنوعة عرقيا ودينيا”.
وعندما سُئلت عن الدور المستقبلي لإيران في سوريا، أجابت ليف “بناء على معطيات اليوم، فإن إيران لن يكون لها أي دور على الإطلاق، ولا ينبغي أن يكون لها أي دور” في سوريا.
الشرع: أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
و شدد القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، على أن “الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام، ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر”.
وأكد الشرع خلال مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط“، أن بلاده “لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان”.
وقال الشرع في المقابلة التي جرت في قصر الشعب الرئاسي بدمشق، الخميس، إن “ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة… أعاد المشروع الإيراني في المنطقة 40 سنة إلى الوراء”.
وأعرب عن تطلعه إلى “الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج ونطمح إليها لبلدنا”.
وأوضح الشرع أنهم اليوم في مرحلة بناء الدولة، مبيناً أن الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن يسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر.
وقال: “سوريا تعبت من الحروب ومن كونها منصة لمصالح الآخرين، ونحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وبناء الثقة فيه، لأن سوريا بلد في قلب الحدث العربي”.
وبالحديث عن لبنان؛ أوضح الشرع أن “هناك قلق كثير وصلنا من الجانب اللبناني بعد وصول الفصائل المسلحة إلى دمشق، وأن ذلك سيقوّي طرفاً ضد آخر في لبنان”.
وأشار إلى أن سوريا لا تسعى لأي علاقة تسلطية مع الجار اللبناني بل علاقة احترام وتبادل، مؤكداً أن سوريا ستقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين.
الجولاني يلتقي البعثة الأميركية.. وسبب “أمني” يلغي مؤتمرها
عقد زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني، “لقاء إيجابيا” مع وفد دبلوماسي أميركي في دمشق، حسب ما نقلت “فرانس برس” عن ما وصفته بمصدر في السلطة الجديدة.
وكان من المفترض أن تعقد البعثة الأميركية الموجودة في دمشق مؤتمرا صحفيا الجمعة، إلا أن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، قالت إن البعثة ألغت مؤتمرها لأسباب أمنية.
وقال متحدث آخر باسم الخارجية الأميركية إن الدبلوماسيين بحثوا مع هيئة تحرير الشام مبادئ انتقال السلطة في سوريا والتطورات الإقليمية والحاجة إلى محاربة تنظيم داعش.
وأضاف: “الدبلوماسيون الأميركيون أجروا أيضا محادثات مباشرة مع المجتمع المدني السوري وناشطين وأفراد من الطوائف المختلفة”.
وتابع: “الدبلوماسيون ناقشوا القضايا المتعلقة بمصير صحفي مفقود ومواطنين أميركيين اختفوا في عهد نظام الأسد”.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت أن دبلوماسيين أميركيين وصلوا إلى سوريا للقاء السلطات السورية الجديدة، في مهمة دبلوماسية غير مسبوقة بين واشنطن ودمشق خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق إن “3 دبلوماسيين أميركيين كبار سيزورون دمشق الجمعة للقاء هيئة تحرير الشام وبحث مبادئ الانتقال السياسي في سوريا “.
سوريا.. عقد مؤتمر وطني شامل مطلع 2025
من ناحية اخرى كشفت مصادر سياسية في سوريا، الجمعة، أن القيادة الجديدة في دمشق تعمل على عقد لقاء حوار وطني موسع يجمع كافة أطياف الشعب بداية العام المقبل.
وأضاف “تم بحث عقد مؤتمر وطني يُدعى إليه أكثر من 1200 شخصية من كافة أطياف المجتمع السوري مدينة وعسكرية تصدر عنه تشكيل لجنة دستورية وجمعية تأسيسية بمثابة برلمان ونذهب إلى انتخابات وتشكيل حكومة تمثل كافة أبناء الشعب السوري”.
وأوضح المحامي مرعي “تحدثنا مع إدارة العمليات السياسية بأن سوريا هي دولة مواطنة ويجب الحفاظ على مؤسسات الدولة والسماح للقوى السياسية في الداخل بالعودة إلى افتتاح مكاتبهم “.
وأعلنت إدارة العمليات السياسية في سوريا اليوم عن عقد اجتماع موسع لإطلاق حوار وطني ستحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السوري .
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
وقالت “الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً” في بيان صحفي إن الوفد الرسمي سيضم ممثلين عن رئاسة مجلس الوزراء ووزارات العدل والخارجية والمغتربين والدفاع الوطني والداخلية والبلديات، من أجل استطلاع الواقع وإجراء الاتصالات والمباحثات اللازمة.
وأعلنت أن “الحضور توافق على نقل كل البيانات ذات الصلة بقضية المفقودين والمخفيين قسرا الموجودة لدى كل الجهات الممثلة في اللجنة الى الهيئة، وفقا لصلاحياتها ومرجعيتها القانونية”.
يذكر أنه خلال فترة الوجود السوري في لبنان التي استمرت من العام 1976 إلى العام 2005، اعتُقل عدد من اللبنانيين ونُقلوا إلى السجون السورية لأسباب عدة.
وشكّل مجلس الوزراء اللبناني في العام 2005 لجنة لمعالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا، وتأمين الاتصال بالسلطات القضائية والأمنية السورية المختصة، والعمل على إطلاق سراحهم.
كما تمّ إنشاء الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان في العام 2018.
وبعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على المحافظات والمدن السورية وسقوط النظام السوري، تم فتح السجون السورية وخرج منها عدد من اللبنانيين كانوا معتقلين بها.
واشنطن تتعهد بدعم جهود استعادة “التحول المدني” في السودان
فى اتجاه اخر لسياسة واشنطن تعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بمواصلة بلاده العمل مع المجتمع الدولي لدعم جهود استعادة التحول المدني في السودان. وألقى بلينكن باللوم على الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في الـ25 من أكتوبر 2021، وعلى الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، باعتبارهما المسؤولين عن تورط السودان في أسوأ أزمة إنسانية في تاريخ العالم.
وأمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك يوم الخميس، حدد بلينكن ثلاث أولويات لمواجهة الأزمة السودانية، وهي: معالجة الأزمة الإنسانية، الضغط على طرفي الحرب لوقف القتال، واستعادة مسار التحول المدني.
وقال بلينكن: “يجب على مجلس الأمن الضغط على الطرفين المتحاربين لحماية المدنيين، ووقف الفظائع، وإنهاء القتال”.
فرض المزيد من العقوبات
وأشار بلينكن إلى أن مجموعة “متحدون من أجل وقف الانتهاكات في السودان” اقترحت آلية امتثال تتكون من لجنة تضم ممثلين من القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، والمجتمع الدولي، لضمان التزام كل جانب بالقانون الدولي والتزاماته بموجب إعلان جدة.
وشدد بلينكن على أن الولايات المتحدة ستستخدم جميع الوسائل الممكنة، بما في ذلك فرض المزيد من العقوبات، لمنع الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب الحالية.
كما دعا بلينكن الشركاء الدوليين إلى تطبيق عقوبات مماثلة على الأفراد والمنظمات التي تؤدي أفعالها إلى تفاقم الصراع. وقال إن بلاده تشجع هذه الإجراءات على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف.
وفي الشهر الماضي، طرحت المملكة المتحدة وسيراليون مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين في السودان، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق. لكن روسيا استخدمت حق النقض (الفيتو) لإسقاط المشروع، رغم تصويت أربعة عشر عضوا لصالحه.
تأجيج الحرب
وفي هذا السياق، وصف بلينكن اعتراض روسيا على القرار بأنه “سخيف وغير مقبول”، مضيفًا: “روسيا تدعي أنها تهتم بالدول الأفريقية بينما تستمر في تأجيج أكبر حرب في أفريقيا”.
وطالب بلينكن المجتمع الدولي بالاستمرار في دعم الشعب السوداني ومساعدته على إحياء الانتقال إلى حكم ديمقراطي شامل بقيادة مدنية. وأكد دعم الولايات المتحدة لدعوة الاتحاد الأفريقي في ديسمبر الماضي للعودة إلى النظام الدستوري بقيادة مدنية في السودان.
وفي إطار دعم التحول المدني، أعلن بلينكن أن وزارة الخارجية الأميركية ستعمل مع الكونغرس لتوفير 30 مليون دولار لتمكين المجتمع المدني السوداني ورفع أصواته في الحوار حول مستقبل البلاد.
وأضاف: “أدى الانقلاب العسكري في عام 2021 والقتال الوحشي الذي اندلع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 إلى إخراج الانتقال السوداني إلى الديمقراطية عن مساره، وأطلق العنان لأكبر أزمة إنسانية في العالم”.
واختتم بلينكن تحذيره من أن الفشل في معالجة الأزمة السودانية يهدد السلام الدولي، قائلاً: “لا يستطيع العالم – ولا ينبغي له – أن يتجاهل الكارثة الإنسانية التي تحدث في السودان تحت أنظارنا، وأمام أعيننا”.
شغل الـ سى أى ايه ..وفد أميركي في دمشق لاستكشاف توجهات حكام سوريا الجدد (الجولانى )
عقد قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الجمعة في دمشق لقاء مع وفد دبلوماسي أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، وفق ما كشف مصدر من السلطة الجديدة.
وقال المصدر من دون الكشف عن هويته “نعم صحيح، جرى اللقاء وكان إيجابيا، وستصدر عنه نتائج إيجابية إن شاء الله”.
وكان من المفترض أن تعقد مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط مؤتمرا صحافيا، لكن تمّ إلغاؤه “لأسباب أمنية”. وبعدما انتظر الصحافيون لأكثر من ساعة في أحد فنادق العاصمة السورية، تمّ إبلاغهم بإلغاء المؤتمر.
ومن المؤكد أن إدارة السلطة والتعامل مع الأقليات ورفع العقوبات وملف قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الغرب وتنظيم داعش إضافة للنفوذين الروسي والايراني والموقف من احتلال إسرائيل للمنطقة العازلة في الجولان كانت من بين الملفات التي طرحت خلال الاجتماع.
ووصل المبعوث الرئاسي لشؤون الرهائن روجر كارستينز، والمستشار المعين حديثا دانيال روبنستين، والذي كُلف بقيادة جهود الخارجية الأميركية في سوريا والدبلوماسية الأميركية البارزة في شؤون الشرق الأوسط باربرا ليف لدمشق للاجتماع بالسلطات الجديدة بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
وتأتي الزيارة في الوقت الذي تفتح فيه الحكومات الغربية قنوات اتصال تدريجية مع هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع، ومناقشة إمكانية رفع تصنيف الهيئة من قائمة المنظمات الإرهابية. وتأتي زيارة الوفد الأميركي في أعقاب اتصالات فرنسية وبريطانية مع السلطات السورية الجديدة في الأيام الأخيرة.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار معاونيه الإطاحة بالأسد بأنها فرصة تاريخية للشعب السوري الذي عاش لعقود تحت حكمه الظالم، لكنه حذر أيضا من أن سوريا تواجه فترة من الخطر والضبابية.
وقال المتحدث باسم الخارجية إن المسؤولين الأميركيين سيناقشون في اجتماعاتهم مع ممثلي الهيئة مجموعة من المبادئ مثل الشمول واحترام حقوق الأقليات التي تريد واشنطن تضمينها في الانتقال السياسي في سوريا حيث تسعى السلطات الاميركية لاشراك حلفائهم الأكراد في السلطة رغم المخاوف التي تبديها تركيا بينما لم يعارض قائد هيئة تحرير الشام هذا التوجه داعيا لتوحيد البلاد ومنع تقسيمها.
وسيعمل الوفد أيضا على الحصول على معلومات جديدة عن الصحفي الأميركي أوستن تايس، الذي سقط في الأسر خلال رحلة صحفية إلى سوريا في أغسطس/آب 2012، ومواطنين أميركيين آخرين فُقدوا في عهد نظام الأسد.
وقال “إنهم سيتواصلون بشكل مباشر مع الشعب السوري، بما في ذلك أعضاء من المجتمع المدني ونشطاء وأعضاء الجاليات المختلفة والأصوات السورية الأخرى حول رؤيتهم لمستقبل بلادهم وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في دعمهم”.
وأضاف أنهم “يخططون أيضا للقاء ممثلي هيئة تحرير الشام لمناقشة مبادئ الانتقال التي أقرتها الولايات المتحدة والشركاء الإقليميون في العقبة بالأردن”. وسيكون بقاء القوات الأميركية في سوريا ضمن الملفات المطروحة.

مستقبل الوجود العسكري الأميركي سيكون مطروخا على الطاولة
وقال المحلل السياسي هنري باركي في تحليل نشرته نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية ان انسحاب واشنطن من الملف السوري خطأ كبير يعيد الحياة إلى النفوذ الإيراني والروسي مشيرا خصوصا لتنامي النفوذ التركي.
وقبل وصول الوفد تظاهر عدد من السوريين في ساحة الأمويين للمطالبة بدولة علمانية مدنية معبرين عن مخاوفهم من تأسيس دولة دينية تهدد حرياتهم وحقوقهم.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن عدد الجنود الأميركيين في سوريا حاليا يقارب ألفي جندي، وليس 900 كما كان معلنا منذ فترة طويلة ما يشير لرغبة الولايات المتحدة في البقاء فترة أطول رغم سقوط الأسد بذريعة مكافحة تنظيم داعش.
وقال المتحدث باسم البنتاغون بارتريك ريدر، في مؤتمر صحفي، الخميس “علمت اليوم أن هناك قرابة ألفي جندي أميركي في سوريا، وهذه القوات الإضافية كما تم التوضيح لي تعتبر قوات مؤقتة منتشرة لتلبية متطلبات المهمة (محاربة داعش)”، مشيرًا إلى أن عدد الجنود كان يبلغ 900.
ولفت إلى إن هؤلاء الجنود الأميركيين البالغ عددهم حوالي 2000 جندي تم نشرهم بسوريا قبل الإطاحة بنظام البعث.
الدبيبة يحذر من صراع دولي في ليبيا بسبب الأسلحة الروسية
فى الشأن الليبى عبدالحميد الدبيبة يخشى من استخدام السلاح الروسي لتقوية خصومه في المنطقة الشرقية في ظل الجمود السياسي.
أبدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة الخميس مخاوف من أن يصبح بلده الواقع في شمال إفريقيا “ساحة” صراع بين الدول، في أعقاب تقارير عن نقل أسلحة روسية من سوريا بعد سقوط رئيسها بشار الأسد، بينما تسعى الأمم المتحدة لانسحاب القوات الأجنبية ومنع التدخل الخارجي كشرط ضروري من أجل التقدم نحو حل سياسي يؤدي لتوحيد مؤسسات البلاد وإنجاز انتخابات.
وقال الدبيبة خلال مؤتمر صحافي “هناك مخاوف ولا يمكن أن نرضى أن تكون ليبيا ساحة دولية تتقاطع فيها مصالح الدول الصغيرة والكبيرة”.
وتكابد ليبيا للتعافي من سنوات النزاع الذي أعقب انتفاضة العام 2011 التي جرت بدعم من حلف شمال الأطلسي، وأدّت إلى الإطاحة بالديكتاتور معمّر القذافي. ولا تزال البلاد منقسمة بين حكومة معترف بها دوليا مقرّها في العاصمة طرابلس، وأخرى منافسة في الشرق تحظى بدعم المشير خليفة حفتر.
وأفادت تقارير في الأيام الأخيرة بأن القوات الروسية تنقل معدات عسكرية من قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية في سوريا إلى شرق ليبيا حيث تتلقى السلطات دعما روسيا منذ سنوات، فيما اشترط الاتحاد الأوروبي على حكام روسيا الجدد مواجهة النفوذ الروسي لإعادة العلاقات ورفع العقوبات.
وكشف مسؤولون أميركيون وليبيون أنّ روسيا تسحب أنظمة دفاع جوي متقدّمة وأسلحة متطورة أخرى من قواعدها في سوريا وتنقلها إلى ليبيا. وقال المسؤولون إنّ طائرات شحن روسية نقلت معدّات دفاع جوي، بما في ذلك رادارات لأنظمة اعتراضية من طراز إس – 400 وإس – 300. كما نقلت روسيا قوات وطائرات عسكرية وأسلحة.
وتشير تقارير الى أن معظم القوات الروسية في ليبيا الآن في قاعدة الخادم الجوية شرق بنغازي مباشرة، وقاعدة الجفرة الجوية جنوب العاصمة طرابلس، وقاعدة القرضابية الجوية بالقرب من سرت (وسط ليبيا) وقاعدة براك الشاطئ الجوية (جنوب ليبيا).
وتقع القواعد الجوية الروسية خاصة بالقرب من سرت، بشكل إستراتيجي على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط ويمكن أن تلعب دوراً مهماً في حال اندلاع أيّ مواجهة، مهما كانت غير محتملة، بين حلف شمال الأطلسي وروسيا.
ويمتلك التحالف الغربي قاعدة جوية بحرية رئيسية في سيجونيلا في صقلية على بعد نصف ساعة طيران من ليبيا.
وشدّد الدبيبة على أن “لا أحد لديه ذرة من الوطنية يريد أن تأتيه قوة أجنبية تريد فرض هيمنتها وسلطتها على البلد وعلى الشعب” مضيفا “لا يمكن قبول تدخل إلاّ (في إطار) الاتفاقات بين الدول، اتفاقات للتدريب أو التعليم أو التسليح، ولكن أن تدخل قوات عنوة على الشعب الليبي فهذا نرفضه بتاتا”.
وتتخوف السلطات في طرابلس أن يتم استخدام تلك الأسلحة لدعم حلفاء موسكو في شرق ليبيا بعد أن وقفت موسكو الى جانب الجيش الوطني الليبي في حربها على حكومة الوفاق الوطني السابقة سنة 2019.
وفي حين لم يؤكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عمليات نقل الأسلحة، قال وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروزيتو إن “موسكو تنقل الموارد من قاعدتها السورية في طرطوس إلى ليبيا”.
ورأى في حديث لصحيفة “لا ريبوبليكا” الأربعاء أن “هذا ليس بالأمر الجيد” واصفا “السفن والغواصات الروسية في البحر الأبيض المتوسط” بأنها “دائما مصدر قلق، وخصوصا إذا كانت على بعد خطوات قليلة منا بدلا من أن تكون بعيدة ألف كيلومتر”.
ومنذ الإطاحة بالأسد، لم يتضح بعد مصير القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا، قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية، وهما منشأتان أساسيتان للطموحات الجيوسياسية لروسيا التي تمارس من خلالهما نفوذا في الشرق الأوسط، من حوض البحر المتوسط وصولا إلى إفريقيا.
وشن حفتر بدعم من روسيا هجوما فاشلا في عام 2019 للاستيلاء على طرابلس. ومنذ ذلك الحين، حافظت موسكو على علاقات وثيقة مع الإدارة الشرقية.
وتؤكد العديد من التقارير أن الجيش الروسي استخدم ميناء طبرق لنقل أسلحة ومرتزقة من فاغنر للقتال في عدد من الساحات بما فيها منطقة الساحل الافريقي.
روما غير مطمئنة لتنامي النفوذ الروسي في ليبيا
أكّد وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو صحة تقارير عن نقل روسيا وجودها العسكري في سوريا إلى ليبيا، معبرا عن قلقه من وجود السفن والغواصات الروسية في البحر المتوسط.
وتعكس هذه الخطوة الروسية محاولة موسكو للحفاظ على نفوذها العسكري في أفريقيا، مستغلة موقع ليبيا كنقطة انطلاق لدعم عملياتها العسكرية واللوجستية في القارة، وفق محللين.
وقال كروسيتو في تصريح لجريدة “لا ريبوبليكا” الإيطالية إن روسيا تنقل مواردها من قاعدة طرطوس السورية إلى ليبيا، وإن سفنها وغواصاتها في البحر المتوسط على بعد خطوتين من إيطاليا، مضيفا أن “هذا الأمر ليس جيدا”، معتبرا أن “السفن والغواصات الروسية في المتوسط تثير القلق دائما”.
وبحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، فقد نقلت طائرات شحن روسية معدات دفاع جوي متقدمة تشمل أنظمة س 400 وس 300 ورادارات الى قواعد في شرق ليبيا.
ومنذ فرار الرئيس السوري السابق بشار الأسد يوم 8 ديسمبر/كانون الاول الجاري إلى موسكو، تواصل روسيا سحب وحداتها العسكرية المتمركزة في مختلف أنحاء سوريا، بما في ذلك دمشق وحمص ومدن أخرى، إلى قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية.
وتضم هذه القاعدة التي يتمركز فيها الجنود الروس، مدارج طائرات وأنظمة دفاع جوي ومعدات عسكرية مهمة.
وتشكّل القواعد العسكرية الروسية وخاصة قاعدة طرطوس البحرية ركيزة أساسية لنفوذ موسكو في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، حيث مثلت نقطة الامداد والإصلاح للبحرية الروسية في المنطقة.
وحذر الوزير الإيطالي من أنه في حال خسرت روسيا ميناء في ليبيا واضطرت للتخلي عن طرطوس في سوريا، فستكون بلا منشأة مينائية في البحر الأبيض المتوسط، مما يعيق قدرتها على إسقاط نفوذها على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي.
وأشار إلى أن فقدان طرطوس، حتى ولو مؤقتا، سيصعّب على روسيا نقل المواد غير المشروعة بين موسكو وأفريقيا.
ويحذّر مراقبون من تحوّل ليبيا الى ساحة حرب داخلية ودولية بعد سقوط نظام الأسد، إذ بدأت تلوح تخوفات من التغيرات الجيوسياسية والإقليمية في المنطقة.
وكان مركز الدراسات الأمنية والعسكرية في ليبيا قد أشار في وقت سابق إلى أن بلاده مهيأة محليا وإقليميا ودوليا لاندلاع حرب جديدة بين القطبين الشرقي والغربي، في ظل تنامي النفوذ الروسي في لا سيما من الشرق والجنوب الليبي الذي يقع تحت سيطرة قائد قوات الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
وتتمركز القوات الروسية في ليبيا منذ عام 2019 عبر عناصر فاغنر الروسية الخاصة، وذلك لمساندة قوات الجيش الليبي، وتطور هذا الوجود العسكري في المنطقة وبات معلنا بين الجانبين.
وأشار تقرير عن القيادة العسكرية الأميركية لقارة افريقيا إلى أن موسكو دفعت بألف وثمانمائة مقاتل إلى شرق ليبيا في يوليو/تموز الماضي، موضحا أن روسيا تأمل أن تجعل من شرق ليبيا قاعدة لبسط نفوذها في بقاع أخرى من القارة.
مخاوف أمنية تدفع العراق لتسليم جنود الأسد الفارين للقيادة الجديدة
فى الشأن العراقى بدأت السلطات العراقية اليوم الخميس في إعادة آلاف الجنود السوريين الذين فرّوا من الجبهة قبل سقوط نظام بشار الأسد، إلى بلدهم عن طريق البرّ بعد تنسيق العمل مع حكام سوريا الجدد، في خطوة تأتي بينما تحاول بغداد النأي بنفسها عن الأزمة السورية وتداعياتها المحتملة على أمن العراق، لكن يبقى مصير أولائك الجنود مجهولا وما اذا كانوا سيخضعون لمحاكمات أم لا، وسط مخاوف دولية من عمليات انتقامية رغم أن القيادة الجديدة لسوريا تعهدت بالعدالة وبمحاسبة من تلطخت أيديهم بدماء السوريين.
وتشير الخطوة في توقيتها الذي بدا مستعجلا إلى أن الحكومة العراقية لا تريد الانخراط بأي شكل من الأشكال في أي صدام مع القيادة السورية الجديدة التي يشكل الاسلاميون السنّة عمودها الفقري، بينما كانت الميليشيات الموالية لإيران تدعم القوات النظامية السورية قبل سقوط الأسد وانخرطت بعضها في أعال قتالية دعما لنظام بشار الأسد الذي فرّ إلى موسكو الأحد الماضي بعد سقوط العاصمة دمشق في أيدي الجماعات الاسلامية المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام.
وكان العراق سمح، قبل ساعات من سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون، بدخول نحو ألفَي جندي سوري بينهم جرحى بعد فرارهم من الجبهة، حسبما أفاد يومها مصدران أمنيان وكالة فرانس برس. وأعلنت مصادر حينها أن السلطات بدأت بالفعل في إقامة خيام لأولائك الفارين من الجبهة السورية من دون أن تحدد الخطوة التالية في التعامل معهم، لكن في الداخل العراقي أثارت تلك الخطوة مخاوف من أن يُزج بالعراق في أتون أزمة قد تعمق متاعبه الأمنية.
وقال الجيش العراقي في بيان إن بغداد أعادت اليوم الخميس نحو ألفي جندي سوري إلى بلدهم بعدما لجأوا إلى العراق مع تقدم قوات المعارضة، التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد، صوب دمشق في وقت سابق من الشهر.
وأوضح أنه “بالتنسيق مع بعض الجهات في الجانب السوري، تم إعادة 1905 من الضباط والمنتسبين السوريين وتسليمهم بشكل أصولي إلى قوة حماية من الجانب السوري في منفذ القائم الحدودي”.
وذكر الجيش أن أسلحة هؤلاء السوريين بقيت في حوزة وزارة الدفاع العراقية وستسلم إلى الحكومة السورية الجديدة بمجرد تشكيلها.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري في وقت سابق إن “الجهات المختصة تباشر اليوم بإعادة الجنود السوريين إلى بلادهم بعد أن نسقت مع نظيرتها السورية المعنية في هذا المجال”، وذلك عبر منفذ القائم الحدودي الذي دخلوا منه.
وفرّ الرئيس السوري بشار الأسد من سوريا في أعقاب هجوم خاطف لفصائل المعارضة قادته هيئة تحرير الشام الإسلامية، بعد مرور أكثر من 13 عاما على قمع الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية والذي أدى إلى اندلاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الراهن.
وبعد سقوطه شددت حكومة بغداد التي جاءت بها أحزاب شيعية موالية لإيران، على ضرورة احترام الإرادة الحرّة للسوريين والحفاظ على وحدة أراضي سوريا التي تتشارك مع العراق حدودا يزيد طولها عن 600 كيلومتر.
وقال مسؤول أمني عراقي إن “حافلات توجهت منذ الأربعاء إلى الحدود من أجل نقل الجنود السوريين إلى داخل سوريا وإعادتهم”، لافتا إلى أن منظمات دولية ستُشرف على العملية.
وخضع هؤلاء الجنود بعد دخولهم العراق لجرد دقيق لأسمائهم ومعداتهم وأسلحتهم، حسبما أكّد نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن قيس المحمداوي لوسائل إعلامية محلية الأربعاء وذكّر بأن الحدود محصّنة تماما، متابعا “لن نسمح بدخول الإرهابيين”.
وفي لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة العُلا الأربعاء، “ذكّر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بحرص العراق على عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري واحترام الإرادة الحرّة للسوريين وضمان مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد”، وفق بيان نشره مكتبه. ونوّه إلى استعداد بلده للتعاون مع الأشقاء والأصدقاء في المنطقة من أجل إرساء الأمن والاستقرار.