جيفري ساكس: 25% من مياه النيل قد تختفي.. ويجب البحث عن استثمارات كبيرة
جيفري ساكس: هذا الأمر قد يمنع أمريكا من «التجسس على مصر»

جيفري ساكس: 25% من مياه النيل قد تختفي.. ويجب البحث عن استثمارات كبيرة

كتب : اللواء
أوصى الاقتصادى العالمي البارز،البروفيسور جيفري ساكس، الحكومة المصرية بإكمال العمود الفقري للبنية الرقمية.
جاء ذلك خلال مشاركته في فعاليات منتدى «المصري اليوم» الاقتصادي، المنعقد بأحد فنادق القاهرة اليوم الأحد، وتحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
ونصح «ساكس»، بالاعتماد على الشركات الصينية التكنولوجية، موضحًا: الولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع التجسس على مصر إذا جرى استخدام شركة «هواوي» ولا أعتقد أن الصين تهتم بأفعال التجسس، لكن الولايات المتحدة تهتم بهذا.
وتابع مخاطبا الحكومة المصرية في إشارة إلى الصين: «لديكم شريك هائل عليكم التعاون معه»
وشدد على أهمية البناء الحضري: «سكان مصر كان عددهم 100 مليون، الآن أصبح 120 مليونا وسيصل إلى 200 مليون قريبا بحسب تقديرات الأمم المتحدة وهو مستوى عال ولن يستطيع الكثير من الحصول على المياه لانخفاض منسوب النيل خلال العقد القادم».
وأكمل: إذا أردنا أن ننجح بشكل مبدع فلدينا أفضل 20 عاما في تاريخ العالم، ولدينا حلول لكل مشكلة كبير وطاقة نقل هائلة ولدينا حلول متميزة لكل شيء، يمكننا تعليم الأطفال والتحاق الجميع بالمدارس، ويجب إضافة تكلفة ذلك على الدول التي لديها قدرات عالية لزيادة إجمالي الناتج المحلي 30 ضعفا بما يدفع للأمام.
واستطرد: أنتم في مصر الأقدم في العالم ولديكم حضارة تعود إلى 5000 عام وهي حقيقة، والحضارة المصرية أساس كل الحضارة الغربية ولديها حق ومكانة تمكنها من القيادة وهي جسر مهم بين إفريقيا والشرق الأوسط وليس مريحا أن تكون في هذا الموقف.
قال الاقتصادى العالمي البارز البروفيسور، جيفري ساكس، إن منتدى «المصري اليوم» الاقتصادي «يأتي في لحظة من الأزمات العميقة المتعددة والتي تتراكم أمام أعيننا وهي خطيرة، ولا يجري العمل على حلها جذريا».
الروبوتات VS البشر.. مستقبل الذكاء الاصطناعي
ورأى ساكس أن «العالم يحتاج إلى مزيد من الحلول وليس مزيدا من الانقسامات والحيرة، ونحن في تطور تكنولوجي يمكننا من الوصول إلى الحلول فمن حصل على جائزة نوبل مؤخرًا استفاد من تطوير الذكاء الاصطناعي».
وأوضح أن «هذه الشركات طورت أفضل لاعب شطرنج في العالم عبر تنظيم عمل الكمبيوتر، من خلال لعب 40 مليون لعبة شطرنج في 4 ساعات، ليصبح بذلك قادرا على منافسة أفضل لاعب من البشر في العالم، وهذه طبيعة العالم الذي نعيشه وما لديه من الحلول المتاحة باستخدامات الذكاء الاصطناعي».
وتابع البروفيسير بجامعة كولومبيا: إدوارد ويلسون في جامعة هارفارد قال إن الطبيعة البشرية لديها مشاعر يرجع تاريخها إلى ما قبل 100 ألف عام، منذ العصر الحجري، بينما تأسست الولايات المتحدة عام 1776 ميلادية، وما نراه اليوم لديها بعض المؤسسات عمرها مئات السنين، بينما هناك مؤسسات في العالم أقدم من أمريكا وعمرها آلاف السنين.
وأوضح أن تعليم الذكاء الاصطناعي 40 مليون لعبة في 4 ساعات يعني أنه بإمكاننا تحريك رقعة الشطرنج خلال 4 ساعات، وهذا هو العالم الذي نعيشه، وهناك حلول متعددة لكل شيء.
وتابع أن إيلون ماسك، رجل الأعمال الأمريكي، يرى أن الروبوتات ستكون في بيوتنا وتقوم بعمل الكثير من الأعمال وكل ما نريده وستحصل على شهادة الدكتوراة خلال 4 ساعات وجميعنا سنكون روبوتات تتحدث إلى بعضها، وذلك يشير إلى أن هناك أزمات وهناك فرص وأن أخذ فرصة استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن من الوصول إلى حلول.
النيل والدلتا.. ماذا ينتظرنا في العقد القادم؟
وصرّح الاقتصادي العالمي أن «الأزمات التي نراها حاليًا متجذره وشديدة، إحداها الأزمة التي نشهدها على مستوى البيئة في مصر ستتأثر بشدة دون شك في العقد القادم. ولدينا أزمات عالمية وتغير مناخي أيضا وأزمة في التنوع البيئي، فضلا عن التلوث الكبير ومصر ستتأثر بشكل كبير من هذه الأزمات، وستتحمل الكثير من التكلفة لمواجهة التغير المناخي وارتفاع الحرارة والجفاف».
واستطرد: النيل قد يختفي بنسبة 25% خلال العقد القادم، والدلتا ستصاب في جميع النواحي وهذا لا يتطلب استراتيجيات بل يتطلب استثمارات كبيرة، وصندوق النقد الدولي لن يقدم حلولا في هذه المشكلات.
وأشار إلى أن قضية المناخ في كل مكان في العالم وكانت الأسوأ هذا العام، من حيث ارتفاع درجات الحرارة؛ بينما شهدت البرازيل هذا العام انتشار حمى الضنك.
وأكمل: لكن العالم الذي يقوده الغرب يتجه بنا إلى عالم متعدد الاقطاب، فالصين تتعافى من احتلال غربي دام عقود، وهذا رائع بالنسبة لي حيث تحدث ديناميكية كونها لاعبا رئيسيا وكذلك الهند التي ستصبح قوة عظمى خلال 20 عاما قادمة وما يحدث من تعدد بدلا من قيادة الغرب يؤدي إلى عالم متعدد الأقطاب.
ولفت: في واشنطن لا يفهمون هذا والبريطانيون يعيشون في الأحلام، لكن المشكلة التي نعيشها حاليًا أن إعادة التوازن قد تؤدي إلى حروب خطيرة جدًا.
العالم قد ينتهي خلال 19 ثانية
عن حرب أوكرانيا قال جيفري ساكس: اندلعت لسبب واحد كون أمريكا تعتقد أن روسيا لا شيء، وأنه يمكنها فعل ما تريد، ووضع قواعد عسكرية في أوكرانيا، ومع رفض روسيا واتجاه أوكرانيا للوقوف على الحياد، كانت واشنطن لا تحب الاتجاه المحايد، فتخلصوا من الحكومة المحايدة وهو ما أدى إلى حرب، أما بالنسبة لإسرائيل فإنها تعيش في وهم قاتل، وهو ما يجعلها تعتقد أنه يمكنها القيام بوضع النظام الذي تراه كما تحب، وأكبر وهم لديها أن أمريكا ستنقذها، والحقيقة أن أمريكا وحدها تستخدم الفيتو لإنقاذ إسرائيل.
وواصل: أيضا أمريكا تعمل على حروب مع الصين، عبر تسليح تايوان، وهناك وثائق تشير إلى استعداداتها للحرب مع الصين في بحر جنوب الصين وهو تطور خطير وقد ينهي العالم خلال ساعات. هذه مشكلات سياسية كبيرة تشهد تعاملا غير منطقي، والكل يعاني ويذهب إلى إثبات تفوقه وهناك 15 ألف سلاح نووي جديد، وهناك علماء يقولون إن هذه الأسلحة قد تدمر العالم في 19 ثانية، وأشار إلى أن هناك مخاطر بيئية وجيوسياسية واقتصادية تعمل لمصلحة البعض وليس لمعظم العالم.
وأضاف ساكس: ليس هناك شخص مسؤول في أمريكا ولا نعلم من يتخذ القرارات وهناك انتخابات في نوفمبر المقبل، وإذا سألتموني ماذا يحدث فإنه تحدٍّ جديد ولن يكون في نوفمبر أي حلول.
الأثرياء VS الفقراء
استطرد: أغنى 10 أفراد في العالم على رأسهم رجل الأعمال إيلون ماسك، الذي لديه أكثر من 200 مليار دولار كشخص وهذه الثروات تتنامى، هناك غالبية الأشخاص لا تستطيع إكمال السير في طريقها، ومصر مثلا تذهب إلى صندوق النقد ويطلب منها تعديل النفقات وهي تخبرهم أنها تفكر في المستقبل، وأنها لا يمكن أن تتجاهل تعليم أطفالها.
وتابع: الأثرياء يحافظون على ثرائهم عبر ضخ استثمارات في التكنولوجيا الحديثة، وإذا تسرب الشاب صاحب عمر 17 عاما من المدرسة في مصر فلن يكون لديه فرصة في عمل أو حياة جيدة. وأن الأثرياء يقترضون بفائدة 2% والفقراء يقترضون بفائدة 5%، وذلك لأن الإقراض لا يخدم التنمية المستدامة.
وأوضح: دول افريقيا لا يمكنها الحصول على تصنيف ائتماني جيد وهي كثيرة نحو 56 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، اثنان منها فقط لديها تصنيفات جيدة ومصر لديها تصنيف دون مستوى الاستثمار وتعاني من معدلات الفائدة المرتفعة.
وواصل: أيضا الشركات الكبرى في الدول ذات التصنيف السيادي المنخفض تواجه مشكلة وهي سقف التصنيف السياسي كونها تخضع إلى حد السقف السيادي وبالتالي تمنع في بعض الأحيان من الاقتراض حيث تساءل: أليس هناك حلول لكل ذلك في أنظار النظام العالمي؟
وأكمل: لذلك ينبغي تغيير النظام في النظام العالمي لأنه إذا عمل جيدا سيدعم نمو الدول الفقيرة لأنه كلما ازددت فقرا ازداد معدل النمو لأن الفقر يدفع إلى السير سريعا، وفي الشرق الأوسط التعليم يكلف نحو 15% من إجمالي الناتج المحلي وهناك عدد دول قليل يمكنهم إنفاق ذلك لذلك يجب على النظام العالمي المساعدة في ذلك.
وضرب مثالا بنيجيريا: «لديها قدرة على تحقيق نمو كبير، عبر الاستثمار، وقد يكون لديها 10 أضغاف الدخل الحالي ونمو كبير خلال 20 عاما قادمة لكن لا يمكنها تمويل ذلك، فلماذا لا يمول النظام العالمي».
واستطرد: الدول الفقيرة لديها قدرة أكبر على النمو إذا تمكنت من التمويل وتعليم جميع الأطفال ويجب أن يكون على الأقل المستوى الثانوي هو الحد الأدنى للتعليم ويذهب الطالب بعدها للكلية ومن ثم منح التدريب اللازم للعمل في القطاع العام أو من خلال الفرص الأخرى، لذلك يجب أن يتعلم الأطفال.
«ضرائب على المصريين بالخارج»
وتابع: الكثير من المصريين يعملون في دول أخرى ويحققون عوائد جيدة وهذا جيد ويحولون تحويلات من الخارج، لماذا لا يتم فرض الضرائب عليهم وتطوير التعليم، لافتا إلى أنه يجب أن يكون هناك 10% من الشباب يعملون في دول أخرى وهذا استثمار جيد.
وأشار إلى أنه يجب أن تكون مصر مركزا تكنولوجيا في الشرق الأوسط، ولكي تصبح مركزا للتكنولوجيا يجب الوصول إلى مئات الملايين في العالم العربي، وجزء من الاستثمار في التعليم، ويجب الاستثمار في التعليم في مصر لتصبح المرحلة الثانوية الحد الأدنى للتعليم والاستثمار الثاني هو البنية التحتية، داعيا إلى تنفيذ العديد من خطوط القطارات.
وتابع: انضمام مصر إلى البريكس يجعل الصين شريكا مميزا ضمن البريكس وكذلك السياحة ويمكن لكل ذلك أن يدفع جودة الحياة لتصبح رائعة.
ولفت إلى أنه «ليس من الصعب فيها تطوير البيئة في مصر، فهي غنية وليس فيها جبال شاهقة، دلتا ونيل، مع العمل على تحقيق انبعاثات صفرية وهذا النظام الصفري يُلحق الشرق الأوسط بأمريكا وأوروبا.
ونصح بالتوسع في البناء الحضري لأن المدن مزدحمة وسكان مصر كان عددهم 100 مليون، الآن أصبح 120 مليونا وسيصل إلى 200 مليون قريبا بحسب تقديرات الأمم المتحدة وهو مستوى عال ولن يستطيع الكثير من الحصول على المياه لانخفاض منسوب النيل خلال العقد القادم.
«أمريكا تتجسس والصين لا»
وأوضح: تحتاجون لإعاده تنظيم البنية التحتية لكي تناسب ذلك، ولذلك ينبغي إكمال العمود الفقري الرقمي المتطور، والولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع التجسس على مصر إذا تم استخدام شركة هواوي ولا أعتقد أن الصين تهتم بذلك لكن الولايات المتحدة تهتم فلديكم شريك هائل عليكم التعاون معه.
وأكمل: النقطة الأساسية التي يجب الوقوف عندها إذا أردنا أن ننجح بشكل مبدع أننا لدينا أفضل 20 عاما في تاريخ العالم، ولدينا حلول لكل مشكلة كبير وطاقة نقل هائلة ولدينا حلول متميزة لكل شيء، يمكنني تعليم الأطفال والتحاق الجميع بالمدارس، ويجب إضافة تكلفة ذلك على الدول التي لديها قدرات عالية لزيادة إجمالي الناتج المحلي 30 ضعفا بما يدفع للأمام.
واستطرد: أنتم في مصر الأقدم في العالم ولديكم حضارة تعود إلى 5000 عام وهي حقيقة، والحضارة المصرية أساس كل الحضارة الغربية ولديها حق ومكانة تمكنها من القيادة وهي جسر مهم بين إفريقيا والشرق الأوسط وليس مريحا أن تكون في هذا الموقف.
واختتم: الوقت يمر ولا يجب أن ننتظر خطة من الولايات المتحدة في المستقبل المنظور، ولذلك أعتقد أنه من المهم وضع أفكار واضحة لتحقيق التنمية والسلام لدفع الأمور للأمام.
هل قتلت الـCIA الرئيس جون كيندي؟ جيفري ساكس يتحدث عن أكبر لغز في تاريخ أمريكا
يعتقد الاقتصادى العالمي البارز، البروفيسور جيفرى ساكس، أن رئيس أمريكا الأسبق، جون كينيدي، قُتل من قبل الحكومة الأمريكية أو وكالة الاستخبارات المركزية «CIA».
وقال «ساكس»، ضيف شرف المنتدى: «كان كيندي يفاوض بهدف السلام وتوصل لحل فيما تعلق بأزمة الصواريخ الكوبية، وقال حينها إننا اقتربنا من القضاء على البشرية ولا بد من القيام بشيء عقلاني أكثر، وصرّح أن 1963 هو عام إنهاء الحرب وتوصل لاتفاقية مع الاتحاد السوفييتي».
وتابع متحدثا عن حادث اغتيال كينيدي الغامض عام 1963: «أعتقد أنه قُتل من قبل الحكومة والـCIA لكن هذا الكلام غير مؤكد».
ورأى أن «الهدف من السلام أنه يساعد في زراعة الأمل نحو مستقبل أفضل، أحب هذا في القيادة لتحقيق أهداف قابلة للتنفيذ يستنبط الناس منها الأمل».
هاجم سياسات جو بايدن، الرئيس الأمريكي، «سياساته ما كانت تتجه نحو طاقة نظيفة لكنه كان يتكلم عنها دائما، بينما كينيدي كان يقول إنه بإمكانه الوصول إلى القمر والكونجرس صفق له، وقد تحقق ذلك عبر استثمارات كبرى، إذًا أي شيء يمكن تحقيقه إذا تم تحديده مسبقًا كهدف، وإذا قمنا باستخدام هذه الطريقة سوف يتحول العالم مما هو عليه الآن».
وتابع: «لا أحب الطريقة التي يتصرفون بها في الغرب، ولا أحب الحروب، ولا أحب الكذب وهذا ليس تصرفا لأناس ناضجين، نحن نحتاج أشخاص يقولون الحقيقة وكيف نحقق الأهداف».
جيفري ساكس: العالم يقترب من حرب نووية.. وأقول للعرب «لا تذهبوا إلى واشنطن»
قال الاقتصادي العالمي البارز، البروفيسور جيفري ساكس، إن ما يحدث دوليا وإقليميا والأحداث الجيوسياسية التي يمر بها العالم يتخطى قدرات حكومة منفردة للتعامل معها.
كيف يمكننا إصلاح العالم؟
وردًا على سؤال الدكتور أحمد جلال، وزير المالية السابق، الذي أدار الجلسة الثالثة للمنتدى: كيف بإمكاننا إصلاح العالم؟، قال الاقتصادي العالمي: «لا يمكن لفرد أو حكومة حل مشكلة جماعية منفردة».
وضرب مثالا للتوضيح: «اتفق العالم على خفض الانبعاثات، لكن لا يمكن للعالم الوصول إلى نتائج إذا لم يتم التعامل مع القضية بشكل جماعي، فحينما أدركنا أننا ندمر طبقة الأوزون توصلنا لاتفاقية للوصول لمنتج لا يضر بها، وكان المنتج مهما ولم يكن صعبا، وعلينا الآن تحقيق ذلك في اتجاه آخر هو الاتجاه السياسي».
وتابع: هناك قواعد تم التوافق عليها على المستوى الدولي لكن العالم لا ينفذها، فمجلس الأمن الدولي اتخذ قرارا بوقف إطلاق النار في غزة، لكن لم تلتزم بالقرار إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال إنه يجب تطبيق ما يمكننا القيام به نحو أهداف التنمية البشرية كما تم وضع أهداف التنمية المستدامة ويجب الالتزام بذلك.
ورأى أن المحاور الأساسية للتنمية البشرية تُبنى على العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر، لكن فيما يتعلق بأهداف الألفية لم تتحقق أهداف التنمية المستدامة، وما تحقق منها 5% وهي نسبة قليلة.
وأردف: من الواضح أننا لسنا جيدين في التعامل مع بعضنا البعض على مستوى العالم، لأننا لا نستطيع حل المشاكل التي تواجهنا اليوم.
العالم يقترب من حرب نووية
وشرح جيفري ساكس: القضايا البيئية وقضايا الحرب والسلام قد لا تكون حقيقية والتأخر في الوصول لحلها لا يتعلق بخسارة الوقت فقط، ولكن قد يؤدي إلى انخفاض احتمالات الوصول لحل، فقضية المناخ إذا وصلت لمرحلة تدمير البيئة فلن نستطيع إدراك الحل، وفي حالة ذوبان جليد القطبين هناك الكثير من البلدان قد تختفي مثل بنجلاديش فضلا عن جميع الدلتا المنخفضة في العالم.
وأكمل: من الواضح أن السياسيين غير مهتمين بما يمكنهم القيام به في هذا المضمار، فنحن على مستوى العالم قريبون من حروب نووية، أنتم لا تعلمون كم نحن قريبون من هذه الحروب، وهناك الكثير من الأغبياء أيديهم تصل لهذه الأسلحة مثل إسرائيل وروسيا وأمريكا، والغرب لا يعلم أن هزيمة روسيا تعني نظاما أوروبيا جديدا، فأمريكا تستخدم لغة «يجب هزيمة وكسر روسيا» فهل يجب التعامل بهذا المنطق مع دولة تمتلك سلاحا نوويا؟
واستطرد: إذا أردت أن تصل إلى منطقة معينة عليك أن تفكر أين تريد الذهاب ومن ثم الأدوات المتاحة والأمور التي يمكن أن تستخدمها للوصول لهدفك فحينما قام العالم بتوقيع اتفاقية في عام 1992 بشأن المناخ وافق على تحديد الانبعاثات الكربونية لتلافي أي شيء قد يكون له تبعات كارثية فيما يتعلق بالانبعاثات المناخية، وحينها تم وضع عبارات براقة لكن كان من الممكن أن يضعها طلبة الجامعات أو باحثو الدكتوراة، لكن في الحقيقة الحكومات ليس دورها أن تضع هذه العبارات فالحكومة عليها الالتزام وتطبيق هذه العبارات، فمثلًا السياسي المرشح لقيادة أمريكا يتولى نظرية نريد الطاقة بأي شكل، وذلك يضر بمصالح التنمية المستدامة.
ورأى أن «أفضل المخططين في العالم هم الصينيون ولا يخططون لكل شيء لكنهم يخططون لوطنهم بأسرع من أي شخص على هذا الكوكب».
وقال: «فكرتي الرئيسية هي تحديد أين نريد أن نصل، وأن طلاب الاقتصاد عندما يغادرون في اليوم الأول من دراستهم، يحصلون على كل ما هو مضلل في الاقتصاد، وما يتعلمونه لا يعمل على قضايا المناخ وقضايا الحرب والسلام، فنحن نحتاج استراتيجيات على المدى البعيد من الحكومات والقطاع الخاص للوصول إلى ما نود الوصول إليه فالسياسيون يأتون ويذهبون لكن السياسات تبقى».
وأشار إلى أن سياسات جو بايدن، الرئيس الأمريكي، ما كانت تتجه نحو طاقة نظيفة لكنه كان يتكلم عنها دائما، بينما كينيدي كان يقول إنه بإمكانه الوصول إلى القمر والكونجرس صفق له، وقد تحقق ذلك عبر استثمارات كبرى، إذًا أي شيء يمكن تحقيقه إذا تم تحديده مسبقًا كهدف، وإذا قمنا باستخدام هذه الطريقة سوف يتحول العالم مما هو عليه الآن.
وقال: لا أحب الطريقة التي يتصرفون بها في الغرب، ولا أحب الحروب، ولا أحب الكذب وهذا ليس تصرفا لأناس ناضجين، نحن نحتاج أشخاصا يقولون الحقيقة وكيف نقوم بتحقيق الأهداف، ليس وضعها فقط.
وأوضح: كنت مستشارا للأمين العام للأمم المتحدة الأسبق بان كيمون، وكانت هناك مفاوضات ممتعة مع انخراط الحكومات في المفاوضات، فهناك 188 دولة تقدموا بخططهم نحو أهداف التنمية المستدامة ولم تقدم 5 دول هذه الخطط منها هايتي وميانمار وجنوب السودان واليمن، وجميعها لديها تحديات كبرى، وكذلك لم تتقدم الولايات المتحدة الأمريكية.
وواصل: في السنوات الأخيرة كان هناك رئيس أمريكي واحد يتحدث عن أهداف التنمية المستدامة وهو شيء غريب من قادة العالم، نحن نقول لهم توقفوا عن قيادة العالم وتوقفوا عن إلقاء القنابل فنحن في مرحلة انتقالية، ونحن لسنا تحت السيطرة الغربية الآن، نحن الآن في بدايات عالم متعدد الأقطاب، وأمريكا لا تعلم ذلك، وهي تعتقد أنها في عالم تحت قيادتها، أمريكا لا تفهم تعدد القطبية ومعنى هذا.
سعيد بانضمام مصر إلى البريكس
وأضاف: «لكن في الحقيقة نحن لدينا عالم متعدد القطبية فمثلا تكتل بريكس بداية هامة جدا، وأنا سعيد لأن مصر ضمن الكتلة، وأن الكتلة تضم نصف سكان العالم تقريبا ونسبة كبيرة من الناتج الإجمالي العالمي وأن الكتلة تضم الصين وهي أهم مصنّع للتكنولوجيا الآن وبإمكانهم الاستثمار في مصر وفي دول أخرى، وهذا مهم، لنقل لأمريكا عفوا أنتم لا تديرون العالم نحن لا نريدكم ولا نريد حروبا نووية أو حلول تضعونها».
وتابع: التعاون على المستوى الإقليمي مهم في هذه المرحلة، وجامعة الدول العربية هامة ومحورية فنحن نريد منطقة عربية تخطط بشكل مشترك ليس كشيء جميل ولكن كشيء هام، ويجب أن يكون لديكم أهداف وخطط قد يبدو ذلك صعبا، لكن على جامعة الدول العربية وضع مقترح لحل الدولتين بالنسبة لقضية فلسطين، ولا تذهبوا لواشنطن بل إلى بكين ثم إلى دلهي وكذلك الاتحاد الإفريقي، وأخيرا اذهبوا إلى أمريكا وأخبروها بأن لديكم كل العالم فهل ستقفون في وجه حل اختاره العالم؟ فهذا أسلوب مختلف في عالم متعدد القطبية.
وأردف: أعتقد أنها استراتيجية هامة جدا لأنها خطوة إقليمية محلية دولية، ومصر بإمكانها العمل على المستوى الإقليمي والعالمي وتستطيع العمل بفاعلية، لدينا اتفاق مهم مثل اتفاق باريس للمناخ، ولدينا اتفاق الحد من انتشار الأسلحة النووية ونزع السلاح، ولدينا أهداف للتنمية المستدامة تضم 17 هدفا للتخلص من المجاعة والفقر وتحقيق صحة وتعليم جيد والوصول إلى الطاقة المتجددة، جميعها أهداف منطقية وأخلاقية الخطوة الثانية هي الوصول إليها.
جيفرى ساكس.. بروفيسور «نهاية الفقر»
قال الاقتصادي العالمي البارز، البروفيسور جيفري ساكس، إن ما يحدث دوليا وإقليميا والأحداث الجيوسياسية التي يمر بها العالم يتخطى قدرات حكومة منفردة للتعامل معها.
كيف يمكننا إصلاح العالم؟
وردًا على سؤال الدكتور أحمد جلال، وزير المالية السابق، الذي أدار الجلسة الثالثة للمنتدى: كيف بإمكاننا إصلاح العالم؟، قال الاقتصادي العالمي: «لا يمكن لفرد أو حكومة حل مشكلة جماعية منفردة».
وضرب مثالا للتوضيح: «اتفق العالم على خفض الانبعاثات، لكن لا يمكن للعالم الوصول إلى نتائج إذا لم يتم التعامل مع القضية بشكل جماعي، فحينما أدركنا أننا ندمر طبقة الأوزون توصلنا لاتفاقية للوصول لمنتج لا يضر بها، وكان المنتج مهما ولم يكن صعبا، وعلينا الآن تحقيق ذلك في اتجاه آخر هو الاتجاه السياسي».
وتابع: هناك قواعد تم التوافق عليها على المستوى الدولي لكن العالم لا ينفذها، فمجلس الأمن الدولي اتخذ قرارا بوقف إطلاق النار في غزة، لكن لم تلتزم بالقرار إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية.
ينشط «ساكس» حاليًا فى ملفات مواجهة الفقر وتغيرات المناخ، وتحقيق التنمية المستدامة، وإلى جانب هذا فهو صوت أمريكى مناهض لسياسات الولايات المتحدة الخارجية. يعارض الحرب على غزة، ويتوقع نهاية هيمنة بلاده على الاقتصاد العالمى ويُبشّر بنظام متعدد الأقطاب، ويقول إن إفريقيا بإمكانها أن تصبح مثل الصين فى غضون ٤٠ سنة. «ساكس» سيكون ضيف «منتدى المصرى اليوم الاقتصادى»، الذى ينطلق ١٣ أكتوبر الجارى، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء. وهذه جولة فى عقل وأفكار الأكاديمى الذى يُوصف بـ«الاقتصادى الأكثر تأثيرًا على مستوى العالم».

الحرب على غزة.. «إسرائيل تقتل وأمريكا تكذب»
لا يتردد جيفرى ساكس فى أن يصف العدوان الإسرائيلى على غزة بـ«الإبادة الجماعية». يقول الاقتصادى العالمى المهتم بالسياسات الدولية، فى مقابلة مع قناة «الجزيرة» الإنجليزية، مارس الماضى: «ما يحدث فى فلسطين غير إنسانى وغير معقول على الإطلاق، إسرائيل قتلت عشرات الآلاف من الأبرياء، ودمّرت الجامعات والمساجد والمستشفيات».
ويتهم بلاده بالمسؤولية المباشرة أيضًا: «المشكلة هى أن الولايات المتحدة تظل متواطئة فى جرائم الحرب الوحشية هذه، والطريقة الوحيدة لإنهاء كل هذا هى أن تتوقف أمريكا عن إمداد حليفتها القديمة إسرائيل بالذخائر التى تُستخدم لذبح الأبرياء».

قبل شهرين من ذلك قال بوضوح فى مداخلة تليفزيونية، يناير الماضى: «الحكومة الأمريكية تكذب دون توقف. جون كيربى فى البيت الأبيض لا يقول أبدًا جملة صادقة إلا مصادفة، وزارة خارجيتنا تقريبًا لا تقول الحقيقة أبدًا، والحكومة الإسرائيلية تكذب من الصباح حتى المساء، لأنها تقتل المدنيين بدم بارد».
يرى «ساكس» أن الرأى العالمى متحد ضد إسرائيل، وكان لديه أمل فى أن توقف محكمة العدل الدولية الحرب لأن تل أبيب انتهكت كل الاتفاقيات والقوانين.
كما حزن بشدة على التعامل الأمنى غير المعهود من جامعات أمريكية ضد طلاب وأساتذة تظاهروا واعتصموا اعتراضًا على الحرب. يسجل موقفه بصراحة مع قناة «الجزيرة» أيضًا فى مايو قائلًا عن استدعاء الشرطة فى جامعته كولومبيا: «هؤلاء الطلاب أرادوا إنهاء الحرب المريعة على غزة وإيجاد السلام والعدالة للشعب الفلسطينى. هناك عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من الذين دُفعوا للمجاعة فى غزة».
فى رأى «ساكس» فإن على نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال، أن يستقيل، «إنه عار».
ما المَخرج إذن؟ يراهن جيفرى ساكس على السلام، وتحديدًا حل الدولتين. يشرح فى مقال نشره على موقعه الرسمى، مايو الماضى: «الطريق إلى إنهاء الحرب وتطبيع العلاقات فى الشرق الأوسط واضح، وهو الاعتراف بدولة فلسطين فى الأمم المتحدة، على حدود عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، تسيطر على الأماكن المقدسة الإسلامية».
ينتقد «ساكس» السياسات الإسرائيلية التى تعوق تحقيق مثل هذا الحل: «تواصل تل أبيب نظام الفصل العنصرى، وحرب الإبادة الجماعية، وبناء المستوطنات غير القانونية باعتبارها حقائق على الأرض». ويشكّك فى وساطة الولايات المتحدة وبريطانيا لإحلال السلام «كذب ووقاحة، لقد كانت السياسة فى كلا البلدين منذ فترة طويلة صهيونية حتى النخاع».
روشتة «ساكس» للقضاء على الفقر
جيفرى ساكس، مؤلف كتاب «نهاية الفقر»، من الداعين عالميًا لتبنى استراتيجيات للقضاء على الفقر المدقع. يرى، فى مقابلة مع News.az، سبتمبر الماضى، أن مفاتيح هذا واضحة: «حصول الجميع على التعليم الجيد، سياسات وطنية قائمة على العلم تشجّع البحث والتطوير والابتكار، وبنية تحتية عالية الجودة، بما فى ذلك الطرق والسكك الحديدية وأنظمة الطاقة والمياه والصرف الصحى، وتجارة مفتوحة لتحقيق التكامل الإقليمى والعالمى».
ويشدد- لنجاح كل هذه الخطوات- على أن تكون مدعومة بالسلام والإصلاح المالى العالمى لضمان قدرة البلدان الفقيرة على الوصول إلى رأس المال طويل الأجل.
فى سبيل تحقيق هذا الهدف، يرى أن المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولى، لا تساعد الدول النامية بالقدر الكافى حاليًا للخروج من أزماتها الاقتصادية.

يشرح: «دور صندوق النقد والبنك الدولى هو المساعدة فى إصلاح البنية المالية العالمية حتى تتمكن البلدان النامية من الحصول على تمويل عالى الجودة. وهذا يعنى آجال استحقاق طويلة الأجل، ٣٠ عامًا أو أكثر، وأسعار فائدة ميسورة التكلفة، ما يُمكِّن البلدان من الاقتراض بشروط استثمارية وبأقساط منخفضة المخاطر».
فيما يخص النظام الاقتصادى العالمى، يحمل جيفرى ساكس إعجابًا بالصين «نموذج يُحتذى به لدول عديدة حول العالم». ويوضح فى مقابلة مع شبكة الصين الدولية «CGTN»، يوليو الماضى: «بكين لا تشكل تهديدًا للولايات المتحدة نفسها، بل تهديدًا للهيمنة الأمريكية».
هل يمكن أن تنهض إفريقيا على الطريقة الصينية؟ يؤمن «ساكس» بشدة بهذا، بل ويقدم مقترحه الشخصى: «أقضى وقتًا طويلًا فى إفريقيا وأتحدث إلى الزعماء الأفارقة طوال الوقت، وأقول لهم إن الـ٤٠ عامًا فى الصين منذ ١٩٨٠ إلى ٢٠٢٠ يمكن- بل يجب- أن تكون مستقبل إفريقيا».
ويشرح فكرته أكثر: «سيوافق عام ٢٠٦٣ الذكرى المئوية لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، لذا فإنهم يملكون فترة قدرها ٤٠ عامًا بداية من الآن حتى ٢٠٦٣، وأنا أؤمن أنه خلال هذه السنوات الأربعين إذا اتبعت إفريقيا استراتيجية مماثلة لتلك التى اتبعتها الصين فإنها ستحقق نجاحًا مماثلًا».
السياسة الأمريكية.. «غطرسة وحروب وتدخلات»
«أمريكا صارت متغطرسة».. لم يتغير رأى جيفرى ساكس فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة لسنوات. يقول فى مقابلة تليفزيونية مع «trt»، نوفمبر ٢٠١٩: «أمريكا تتدخل فى مناطق لا تفهمها، وسياستها ذات طابع عسكرى مبالغ فيه. وطوال عقود، شاركت فى تغيير النظم الحاكمة. لدينا المخابرات المركزية التى تطيح بالحكومات التى لا تعجبنا، وهناك الاغتيالات والانقلابات العسكرية».
يشدد: «ليست وظيفة رئيس الولايات المتحدة أن يحدد من يحكم الدول الأخرى».
مازال جيفرى ساكس من الأصوات «الأمريكية» المناهضة لسياسات بلاده، إنه يحمّلها مسؤولية اشتعال الحروب فى أكثر من منطقة: «الولايات المتحدة ضالعة فى عدد لا نهائى من الحروب، بداية من أفغانستان، منذ أن دعمت عام ١٩٧٩ ما يُعرف بالمجاهدين ثم أصبحوا القاعدة ثم جاءت طالبان. كل شىء يبدأ من الولايات المتحدة لأن الفكرة كانت صراع قوة مع الاتحاد السوفيتى».

يمد الخيط إلى آخره، ويعدّد نتائج السياسات الأمريكية: «فى ٢٠٠١ بعد أحداث ١١ سبتمبر غزت الولايات المتحدة أفغانستان، ثم فى ٢٠٠٣ غزت العراق منفردة، ثم فى ٢٠١١ قادت حلف الناتو للإطاحة بمعمر القذافى وقتله».
ماذا كانت نتيجة كل ذلك؟ يتساءل «ساكس» ثم يجيب: «دُمرت أفغانستان بفعل ٤٠ عامًا من الحروب، وعراق غير مستقر حتى اليوم، وسوريا قد دمرتها الحرب، وليبيا فى حرب أهلية منذ ذلك الوقت، هل هذه هى القوة؟ هذا هو التهور والعجرفة باستخدام القوة العسكرية».
يؤيد الاقتصادى الأمريكى العالمى حق الشعوب فى «التنمية الاقتصادية والتمكن من العيش ورفض الخضوع للقوى الأجنبية». ويرى أن «منطقة الشرق الأوسط ستكون أكثر أمانًا واستقرارًا إذا خرجت منها القوى الكبرى».
وبالنسبة لأوروبا، حيث تتدخل الولايات المتحدة مع أوكرانيا ضد روسيا، يرى «ساكس» فى مقابلة مع News.az، أن الصراع نشب نتيجة لرغبة أمريكية متواصلة لتوسيع حلف شمال الأطلسى إلى أوكرانيا وجورجيا.
ويُلخّص: «تعمل الولايات المتحدة فى ظل عقلية صفرية، معتقدة أنها يجب أن تهيمن على الآخرين لتجنب الخضوع للهيمنة. وهذه الأيديولوجيا البدائية تؤدى إلى حروب دائمة بدلًا من السلام والأمن».
وينصح قادة بلاده، بعد الاعتماد على القوة لحل المشاكل فى صربيا وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وأوكرانيا وغزة وتايوان، بأن «يتعلموا من جديد فن الدبلوماسية».
المناخ والتنمية المستدامة.. «الطريق إلى خطة ٢٠٥٠»
على هامش حضوره القمة العالمية للحكومات، بدبى ٢٠١٧، أكد جيفرى ساكس أهمية «التركيز على التنمية المستدامة، والتى تعنى التوازن بين الاقتصاد والتنمية والاندماج الاجتماعى والعدالة، وكذلك الحفاظ المستدام على البيئة، إلى جانب أن تتحلى الحكومات بالأمانة، لأنه إذا كانت الحكومات غير أمينة فإن الشعوب لن تتقدم».
الخطوات الرئيسية نحو الطاقة المستدامة، بحسب مقابلته مع News.az هى: توليد الطاقة الخالية من الكربون، نقل الطاقة لمسافات طويلة لدعم الأسواق الإقليمية، كهربة جميع أشكال النقل، بما فى ذلك الهيدروجين الأخضر للشحن والمركبات الثقيلة، والاقتصاد القائم على الهيدروجين فى القطاعات الصناعية مثل صناعة الصلب.
وفى كلمته بقمة تنسيق عمل المناخ فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط، والتى عُقدت بمدينة شرم الشيخ، نوفمبر ٢٠٢٢، على هامش مؤتمر المناخ، قال جيفرى ساكس: «أحب هذه المنطقة أكثر من أى مكان آخر، منطقة متفردة، شهدت أقدم الحضارات».

يؤمن رائد التنمية المستدامة بقدرات منطقة الشرق الأوسط فى الطاقة المتجددة، ويوصى هنا بأمرين: الأول «التعاون بين الدول للتغلب على تعقيدات المنطقة والصراعات، وذلك بوضع بعض الخطط الفعلية لحل مشكلات التغير المناخى، ولديكم الفرصة للتعاون مع بنك التنمية الدولى ويمكن جلب الموارد المالية الكافية لتنفيذ الخطط العملية».
الأمر الثانى هو الدبلوماسية، إذ إن «الشرق الأوسط لديها قدرات كبيرة فى الطاقة المتجددة ويجب أن تستوعبها أوروبا، وهذا يأتى من خلال الإجراءات الدبلوماسية، وهو الحل الأمثل للوصول إلى قلب القارة».
وبشكل عام، فإنه يقترح على الحكومات أن تضع هدفًا لدمج خطط التنمية المستدامة فى الاستراتيجية المحلية بحلول العام ٢٠٥٠. يشرح فى مقال على موقع مؤسسة «Common Dreams»، يونيو الماضى: «وقتها ينبغى أن يكون الهدف هو تحقيق الرخاء على نطاق واسع، والإدماج الاجتماعى، والاستدامة البيئية».
ويحدّد خطوات الوصول إلى هذا الهدف فى «استثمارات عامة جريئة فى التعليم والعلوم والطاقة النظيفة والبنية التحتية والمنصات الرقمية، إلى جانب السلام والتعاون والاستثمارات المشتركة مع البلدان المجاورة».
النظام الاقتصادى.. «أهلًا بكم فى عالم متعدد الأقطاب»
هيمنة أمريكا والغرب انتهت، وبزغ نظام اقتصادى عالمى متعدد الأقطاب.. يبنى جيفرى ساكس رأيه هذا على قراءة تحليلية للمشهد الدولى وتأمل للجغرافيا السياسية، معتمدًا على بيانات البنك الدولى فى مايو الماضى عن الناتج المحلى للدول حتى ٢٠٢٢.
بدايةً، يقول «ساكس» إن الاقتصاد العالمى يشهد حاليًا تقاربًا عميقًا، يمنح فرصة للدولة التى تخلفت عن الغرب فى التصريح، لتعويض الوقت الضائع، وهى «حقيقة فشل الاستراتيجيون الأمريكيون حتى الآن فى الاعتراف بها أو قبولها».
يحلّل نقلًا عن بيانات البنك الدولى: فى عام ١٩٩٤، شكلت دول مجموعة السبع، وهى كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، ٤٥.٣٪ من الناتج العالمى، مقارنة بـ١٨.٩٪ من الناتج العالمى لدول بريكس التى تضم حاليًا البرازيل، الصين، مصر، إثيوبيا، الهند، إيران، روسيا، جنوب إفريقيا، الإمارات.
«انقلبت الطاولة»- بحسب «ساكس»- إذ تنتج دول بريكس الآن ٣٥.٢٪ من الناتج العالمى، فى حين تنتج دول مجموعة السبع ٢٩.٣٪.
ويرصد، اعتبارًا من عام ٢٠٢٢، أن أكبر ٥ اقتصادات عالمية بالترتيب هى: الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان. ويشير إلى أن الناتج المحلى الإجمالى للصين أكبر بنحو ٢٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى الولايات المتحدة، تحديدًا نحو ٣٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى للشخص الواحد، ولكن مع ٤.٢ أضعاف عدد السكان.
ويلاحظ أن ٣ دول من الاقتصادات الخمسة الكبرى تنتمى إلى مجموعة بريكس، بينما هناك دولتان فقط من مجموعة السبع.
يقارن هذا الوضع بالصورة فى عام ١٩٩٤، عندما كانت أكبر خمس دول اقتصادية فى العالم هى: الولايات المتحدة، واليابان، والصين، وألمانيا، والهند. أى أن ثلاثًا منها كانت فى مجموعة السبع واثنتين فى بريكس.
نتيجة لذلك- يواصل «ساكس» تحليله- يتضاءل النفوذ العالمى للولايات المتحدة. ويضرب مثالًا حيًّا حديثًا على هذا: «عندما فرضت المجموعة التى تقودها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على روسيا عام ٢٠٢٢، انضم عدد قليل جدًا من الدول خارج التحالف الأساسى للعقوبات. ولم تجد موسكو صعوبة كبيرة فى تحويل تجارتها إلى دول خارج التحالف الأمريكى».
لا أمل للولايات المتحدة، بحسب جيفرى ساكس، فى أن تتمسك بنظرية «الأولوية» والهيمنة القديمة، فبينما كانت تتعامل بـ«عجرفة» قبل ٣٠ عامًا اعتمادًا على قوتها النسبية، فإن حصتها اليوم فى الناتج العالمى تبلغ ١٤.٨٪، مقارنة بنحو ١٨.٥٪ للصين، مع ملاحظة أن حصة أمريكا من سكان العالم ٤.١٪، مقارنة بنحو ١٧.٨٪ للصين ذات القوة البشرية المليارية.
مع ذلك، لا يتوقع «ساكس» أن تحتل بكين موقع واشنطن على رأس النظام الاقتصادى العالمى الذى سيشهد تقاربًا واسع النطاق، فحتى بعد أن تصل حصة الصين فى الناتج العالمى ذروتها بنحو ٢٠٪ خلال العقد المقبل، فإنها ستنخفض بعد ذلك مع انحدار عدد السكان.
ويرجّح بزوغ قوى اقتصادية أخرى مثل الهند وإفريقيا، بحصص أعلى فى الناتج العالمى، مع ثقل جيوسياسى ملموس.
الطريق إلى هذا النظام الاقتصادى متعدد الأقطاب الذى يتوقعه جيفرى ساكس لن يكون مفروشًا بالسلام، بل ربما نشهد مرحلة تكسير عظام كبرى، قد تكون بداية «مأساة جديدة لسياسات القوى العظمى، وانهيار القواعد العالمية الهشة، مثل التجارة المفتوحة فى ظل منظمة التجارة العالمية».
لكنه يأمل فى أن يؤدى النظام الجديد إلى «عالم من التسامح المتبادل وضبط النفس بين القوى العظمى، بل وحتى التعاون، لأنها قد تدرك أن هذا السبيل هو وحده القادر على الحفاظ على أمن العالم فى العصر النووى».
