أخبار عاجلةمقالات وابداعات

سيد درويش مؤسس “القوة الناعمة” الامن الثقافى والهوية الوطنية (٢٤)

سيد درويش مؤسس “القوة الناعمة” الامن الثقافى والهوية الوطنية (٢٤)

سيد درويش مؤسس "القوة الناعمة" الامن الثقافى والهوية الوطنية (٢٤)
سيد درويش مؤسس “القوة الناعمة” الامن الثقافى والهوية الوطنية (٢٤)

كتب : اللواء

خدعتنا ألة الإعلام الأمريكى ـ العابرة للقارات ـ بأن أول من أسس لعلم القوة الناعمة هو جوزيف صامويل ناى فى تسعينيات القرن الماضى وكان عميدا لمدرسة جون كينيدي الحكومية في جامعة هارفارد، ومستشارا للعمليات النفسية للرئيس بل كلينتون، ومساعد وزير الدفاع الامريكى لشؤن الأمن القومى، وألف كتابا يعد مرجعا “القوة الناعمة وسيلة النجاح فى السياسة الدولية” ويتحدث عن قدرة غير عسكرية تستطيع السيطرة على الشعوب وتحقيق ذات الاهداف العسكرية، الا ان سيد درويش فى أثناء ثورة 1919 أظهر وبجلاء قدرة الفن فى مواجهة طغيان القصر والتصدى لظلم الاحتلال البريطانى حتى أنه ينسب له انه اول من صاغ الوجدان العام للمصريين، وتصدى لحملة شق الصف المصرى من جانب الاحتلال للتفرقة بين المصريين مسلمين ومسيحيين لاحداث فتنة طائفية فى البلاد حتى تنشغل فئات الشعب عن مطالب الاستقلال، فخرج سيد درويش بلتلحين كلمات بديع خيرى فى لحن وأغنية هما يعدان من أسلحة القوة الناعمة وهى الغناء والموسيقى والكلمة :” … لا تقولى نصرانى ولا مسلم، الدين لله يا شيخ اتعلم، الدين لله يا شيخ اتعلم، اللى أوطانهم تجمعهم، عمر الأديان ما تفرقهم”.

فكانت ألحان سيد درويش تكشف مؤامرة الاحتلال فى إحداث الفرقة بين المسلمين والمسيحيين، فكان سيد درويش ينتصر بالالحان والكلمات ويهزم مؤامرات الاحتلال البريطانى ضد الوعى الجمعى للمصريين.
وسيد درويش هو من إختار من كلمات الأغانى ونصوص المسرحيات تلك التى ترفض الاحتلال وتقاوم القصر وتمجد فى جيش البلاد وترفع من شأن المقاتل المصرى، بل وتزرع العزة فى نفوس المصريين بشكل عام كما فى ألحانه وغناءه لقصيدة “… أنا المصري كريم العنصرين… بنيت المجد بين الاهرامين… جدودي أنشأوا العلم العجيب… ومجرى النيل في الوادي الخصيب… لهم في الدنيا آلاف السنين… ويفنى الكون وهم موجودين”.
وتجلى موقفه المناصر لجيش بلاده ضد الاحتلال كما فى “.. دقت طبول الحرب يا خيالة.. وآدي الساعة دي ساعة الرجالة.. انظروا لأهلكم نظرة وداع.. نظرة ما فيش بعدها إلا الدفاع”.

وفى مسرحيته الغنائية “شهر زاد” ظهر تمجيده للجندية المصرية “.. أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا وقت الشدايد تعالا شوفنا.. ساعة ما نلمح جيش الأعادى نهجم ولا اى شئ يحوشنا.. مستقبل الامه بين إيديكم فى الوقت دا نعتمد عليكم.. ردو آدى الشعب بيناديكم بيقول لكم احفظوا شرفنا.. آدى جنودنا وآدى بنودنا و فى الدفاع و الهجوم تجدنا.. مالناش صنعه غير الشجاعة وللجهاد ربنا خلقنا”
تلك المسرحية الغنائية التى دافعت عن الحق، وأيضا اعتزازه بالمقاتل المصرى الذى رفض التكريم خارج وطنه وطلب العودة بلاده … وكما غنى سيد درويش للجيش أيضا لحن وغنى للوطن “.. مصر وطنا سعدها أملنا” وغيرها من الالحان والاغانى التى وقفت حائلا أمام دعاوى الاحتلال البريطانى لاخماد أية حركة مقاومة لدى الشعب المصرى، فقدم فنان الشعب “احنا الجنود زى الأسود نموت ويعيش الوطن” و”قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك” و”تلوم عليا يا سيدنا وخير بلادنا ما هو بأيدينا”، بجانب ألحان وطنية كثيرة، وهو صاحب النشيد الوطنى نشيد “بلادى بلادى” كلمات محمد يونس القاضى ومقتبس من كلمات الزعيم مصطفى كامل 1907 والحان وغناء سيد درويش.

وقدم سيد درويش خلال عمر شباب الجنة (الثلاثين عاما) قدم خلال ستة أعوام أكثر من 200 لحن ما بين 15 موشحا ، و 10 أدوار و29 اوبريت، وشارك بالغناء والتلحين لكبار فنانى مصر ومشاهير الفرق الفنية مثل فرقة أولاد عطا التى جابت مع فنه بلدان الشام على مدار ثلاثة أعوام، ومع فرقة بديع خيرى وعلى الكسار ونجيب الريحانى وبديعة مصابنى وغيرها من الفرق الأشهر فى مصر والعالم العربى، وقدم معظم فنه محاربا ضد قهر الاحتلال البريطانى، ومنظرا للمفهوم الاجرائى للقوة الناعمة هذا الاصطلاح الذى لم ينحته لفظا، لكنه قدمه ابداعا فنيا صاغ نمطا ثائرا للمصريين، وسلوكا رافضا للاحتلال ، أدركه المصريون وثاروا معه أعظم ثورات القرن العشرين 1919 تلك الثورة التى صنفت مع مصاف الثورات الانسانية الكبرى والمفصلية فى التاريخ مثل الحرية الفرنسية 1789 والبولوليتاريا البلشفية الروسية 1917 والاستقلال الامريكية 1765
وربما اقترب حنفى المحلاوى فى كتابه “من قتل سيد درويش؟” … عن عدد من شهادات ووثائق تثبت تورط الاحتلال البريطانى فى قتل سيد درويش، وأنهم قد تأمروا على دس السم (الزرنيخ) له،عن طريق مطربة تدعى “وداد”، كان سيد درويش قد صفعها على وجهها عندما استفزته بصوتها الرديء.

… فهل من صمت الصحف (الكثيرة والمهنية والمحترفة) عند رحيله ؟ وهل من وصف العقاد وبديع خيرى ونجيب الريحانى ومحمد عبد الوهاب لهذه الشخصية بالتفرد والعبقرية والتميز؟ وهل لهذا الفنان الذى سخر موهبته فى ابداع المقاومة ضد الاحتلال ولتمجيد وطنه وجيشه؟ أليس فى اجابات تلك الأسئلة دليل على أن رحيل فنان الشعب الخالد تشوبه مؤامرات الاحتلال الاحتلال؟!.

ان تاريخ أبطالنا من الواجب أن نراجعه، كما أن مقتضى الحال يستوجب عدم التسليم بدعاوى الاحتلال الذى كان عسكريا ثم اقتصاديا وانهزم ويحاول الان أن يكون احتلال ثقافيا؟!
وفى القادم نبحث فى فرضية بطولة ريا وسكينة!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى