بوتين يقر العقيدة النووية “المحدثة”.. ما أبرز التعديلات؟
مندوب موسكو بالأمم المتحدة: السماح لأوكرانيا بضرب عمق روسيا تصريح انتحاري لنظام زيلينسكي

بوتين يقر العقيدة النووية “المحدثة”.. ما أبرز التعديلات؟

كتب : اللواء
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، مرسوماً بالموافقة على عقيدة نووية محدثة، وهو الإجراء الذي يعتبره مراقبون رداً على ما يتردد بشأن صدور قرار أميركي يسمح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى.
ووقع بوتين الصيغة المحدثة لتعديلات العقيدة النووية، التي تحدد أساسيات سياسة روسيا في مجال الردع النووي.
وتنص الوثيقة على أنه “يتم اتخاذ قرار استخدام الأسلحة النووية من قبل رئيس روسيا، ويجوز للرئيس الروسي، إذا لزم الأمر، إبلاغ القيادة العسكرية والسياسية للدول الأخرى و(أو) المنظمات الدولية حول استعداد روسيا لاستخدام الأسلحة النووية أو حول قرار استخدام الأسلحة النووية، وكذلك حول استخدامها”.
وذكرت أن التعديلات الجديدة تسمح باستخدام الأسلحة النووية في مواجهة “عدوان من دولة غير نووية لكنه تم بمشاركة أو دعم دولة نووية”، لأن ذلك “سيعتبر هجوماً مشتركاً على الاتحاد الروسي”.
وأضافت أن التعديلات تشمل كذلك إمكانية أن ترد روسيا بأسلحة نووية “في حالة وجود تهديد خطير لسيادتها ولو بأسلحة تقليدية، وفي حالة وقوع هجوم على بيلاروس كعضو في دولة الاتحاد، وفي حالة الإطلاق الهائل للطائرات العسكرية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار وغيرها من الطائرات وعبورها الحدود الروسية”.
أبرز تعديلات العقيدة النووية
وجاء في الوثيقة، بحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية، أن “سياسة الدولة في مجال الردع النووي دفاعية بطبيعتها، وتهدف إلى الحفاظ على إمكانات القوات النووية عند مستوى كافٍ لضمان الردع النووي، وتضمن حماية سيادة الدولة وسلامة أراضيها، وردع إي عدو محتمل من العدوان على روسيا الاتحادية و(أو) حلفائها، وفي حالة نشوب نزاع عسكري – منع تصعيد الأعمال العدائية وإنهائها بشروط مقبولة لروسيا و (أو) حلفائها”.
وأضافت: “اعتداء أي دولة من التحالف العسكري (الكتلة) على روسيا أو حلفائها يعتبر عدواناً على الاتحاد الروسي ككل”.
وأوضحت أن “روسيا تمارس الردع النووي ضد خصم محتمل، وهو ما يعني الدول الفردية والتحالفات العسكرية (الكتل والتحالفات) التي تعتبرها روسيا خصماً محتملاً وتمتلك أسلحة نووية و (أو) أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل أو أسلحة قتالية كبيرة يتم أيضاً تنفيذ إمكانات قوات الردع النووي العامة فيما يتعلق بالدول التي توفر الأراضي والموارد الجوية و (أو) البحري والموارد اللازمة للتحضير العدوان وتنفيذه ضد روسيا الاتحادية”.
وأشارت الوثيقة إلى أن “الردع المضمون للعدو المحتمل من العدوان على روسيا و(أو) حلفائه هو من بين أعلى أولويات الدولة، ويتم ضمان ردع العدوان من خلال مجمل القوة العسكرية الروسية، بما في ذلك الأسلحة النووية“.
وأكدت الوثيقة أن روسيا “تعتبر الأسلحة النووية وسيلة ردع، ويعتبر استخدامها إجراء متطرفاً وقسرياً، ويبذل كل الجهود اللازمة للحد من التهديد النووي ومنع تفاقم العلاقات بين الدول التي يمكن أن تثير صراعات عسكرية، بما في ذلك الصراعات النووية”.
وأوضحت أن “روسيا تحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية رداً على استخدام الأسلحة النووية و(أو) أسلحة الدمار الشامل الأخرى ضده و(أو) ضد حلفائها، وكذلك في حالة العدوان على روسيا و(أو) جمهورية بيلاروس بوصفهما عضوين في دولة الاتحاد باستخدام الأسلحة التقليدية، ما يخلق تهديداً خطيراً لسيادتهما و(أو) سلامة أراضيهما”.
وبحسب ما جاء في الوثيقة فإن “العدوان على الاتحاد الروسي و(أو) حلفائها من قبل أي دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية يعتبر هجوماً مشتركاً”.
وأظهر المرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التعديلات تدخل حيز التنفيذ من يوم التوقيع عليه، 19 نوفمبر 2024.
الكرملين: التحديث ضروري
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن تحديث العقيدة النووية الروسية كان أمراً ضرورياً لجعلها متوافقة مع الوضع السياسي الراهن.
وأضاف أن “استخدام القوات الأوكرانية للصواريخ الغربية غير النووية ضد الاتحاد الروسي بموجب العقيدة الجديدة قد يستلزم رداً نووياً”.
واعتبر أن نص أساسيات سياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي “يجب أن يصبح موضوع تحليل متعمق في البلاد وخارجها”، مؤكداً أن “العملية العسكرية (الروسية في أوكرانيا) متواصلة في سياق الصراع الذي أطلقه الغرب الجماعي”.
ولفت إلى أن الجيش الروسي يراقب الوضع عن كثب قدر الإمكان بعد التقارير التي تحدثت عن نية كييف استخدام صواريخ “أتاكمز” لضرب العمق الروسي.
ماذا يعني تغيير روسيا لعقيدتها النووية؟
ويحمي الدرع النووي الروسي موسكو من التدخل الواسع النطاق لحلف شمال الأطلسي في الحرب في أوكرانيا.
ولكن، تحت هذه العتبة، يواصل الغرب تكثيف دعمه لحلفائه الأوكرانيين، مما يضع بوتين أمام تحدٍ صعب حول كيفية استعادة فعالية الردع.
وأعلنت روسيا اليوم الثلاثاءـ عن تعديلات جوهرية في عقيدتها النووية وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وترقي هذه التغييرات الوشيكة في السياسة النووية للبلاد، إلى رفع عتبة استخدام الأسلحة النووية لحماية روسيا وحلفائها، والتصدي لأي تهديد لبقاء الدولة الروسية ككيان نووي.
الابتكارات الرئيسية
وسرد الرئيس بوتين في خطاب قصير، شروط استخدام الأسلحة النووية، والتي تشمل العدوان على روسيا من قبل أي دولة غير نووية، لكن “بمشاركة أو دعم” دولة نووية.
أما البند الثاني من شروط الاستخدام فينص على تلقي معلومات موثوقة عن إطلاق مكثف لأسلحة هجومية جوية وفضائية وعبورها لحدود روسيا، بما في ذلك الطائرات الاستراتيجية والتكتيكية، والصواريخ المجنحة، والطائرات بدون طيار، والطائرات الأسرع من الصوت.
أما الشرط الأخير فيتضمن استخدام الأسلحة النووية رداً على هجوم ضد روسيا أو بيلاروسيا باستخدام الأسلحة التقليدية، إذا كان هذا الهجوم يشكل “تهديداً خطيراً للسيادة”.
وبموجب النسخة الحالية من سياسة الردع النووي الروسية، التي وافق عليها بوتين في يونيو (حزيران) 2020 ، أي قبل أربع سنوات فقط، وفي فترة مختلفة تماماً ما قبل الحرب، فإن موسكو مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية فقط رداً على هجوم باستخدام أسلحة تقليدية ضد الاتحاد الروسي بشكل محدد، وفي حالات “عندما يكون وجود الدولة ذاته مهدداً”.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية تاس عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله: “تمت صياغتها عملياً بالفعل. وسيتم إضفاء الطابع الرسمي عليها عند الضرورة”، بالإشارة إلى اعتماد بوتين لكافة التعديلات على العقيدة النووية كما رفعها مجلس الدوما في البلاد.
تعديلات مرعبة
اللافت للنظر أن بوتين حذر الغرب في وقت سابق، من أن روسيا سيكون بمقدورها بموجب التعديلات المقترحة استخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت لضربة بصواريخ تقليدية، ولفت إلى أنها ستعتبر أي هجوم عليها بدعم من إحدى القوى النووية هجوماً مشتركاً.
واعتبرت التعديلات على نطاق واسع محاولة من بوتين لرسم “خط أحمر” للولايات المتحدة وحلفائها، من خلال الإشارة إلى أن موسكو ستدرس الرد باستخدام أسلحة نووية إذا سمحت تلك الدول لأوكرانيا بضرب عمق روسيا بصواريخ غربية بعيدة المدى، ويبدو أن روسيا بدأت بالفعل التصدي لخطوة واشنطن التي منحت أوكرانيا الضوء الأخضر لاستهداف العمق الروسي بصورايخ بعيدة المدى مثل منظومة “أتاكمز” الأمريكية أو “ستورم شادو” البريطانية على الرغم من بريطانيا وألمانيا لم توافقا حتى الآن على استهداف الأراضي الروسية بصواريخهما.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن يدلى بوتين بتعليقاته عن تحديث العقيدة النووية عشية اجتماع سابق بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث كان من المقرر اتخاذ قرار بشأن السماح لكييف باستخدام الصواريخ الغربية لضرب عمق الأراضي الروسية.
وبحسب موسكو تعتبر محادثة بايدن وزيلينسكي “الحلقة الأخيرة” في اتجاه مقلق للغاية بالنسبة للكرملين حيث يوسع الغرب مساعداته لأوكرانيا في حين يظهر تجاهلاً متزايداً للخطوط الحمراء الروسية.
ورداً على ذلك، تريد القيادة الروسية أن تظهر أن تصريحاتها يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأن العقيدة النووية الأكثر صرامة هي واحدة من الأدوات المتاحة للقيام بذلك.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء قبل عامين فقط، كان من الصعب أن نتخيل قيام أفراد عسكريين غربيين بقصف مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود، أو أن مثل هذا الحدث يمكن أن يحدث دون إشعال حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما حدث قبل عام واحد، عندما شنت القوات المسلحة الأوكرانية ضربة على سيفاستوبول باستخدام صواريخ “ستورم شادو” البريطانية.
تصعيد نووي
واتخذت روسيا اليوم تصعيداً في خطابها وأفعالها في محاولة لمنع الغرب من السماح لأوكرانيا بإطلاق صواريخ حلف شمال الأطلسي على الأراضي الروسية المعترف بها دولياً. ووفقاً لبوتين، فإن مثل هذا الإذن يعني أن “دول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية تقاتل روسيا”.
وبعبارة أخرى، يعترف الرئيس بشكل غير مباشر بالفرق بين الأراضي الروسية التي تم تأسيسها قانونياً وتلك التي تم ضمها من أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، وهو دليل قاطع على أن روسيا تلعب مع أمريكا والاتحاد الأوروبي لعبة الردع المتبادل.
ومنذ بداية الحرب الأوكرانية، أطلق الرئيس الروسي بوتين، الذي توقع أن تنتهي الحرب في غضون أيام، تهديدات شديدة اللهجة ضد الغرب في خطابه في 24 فبراير (شباط) 2022، قائلاً: “سترد روسيا على الفور، وستكون العواقب كما لم تشهدوها قط في تاريخكم بالكامل”.
واشنطن تكشف موقفها بعد تغيير روسيا عقيدتها النووية
من جانبها قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لم تفاجأ بالتغيير الذي أعلنته روسيا في عقيدتها النووية ولا تعتزم تعديل وضعها النووي رداً على ذلك.
وأضاف المتحدث في بيان “مثلما قلنا هذا الشهر، لم نفاجأ بإعلان روسيا أنها ستحدث عقيدتها النووية، فقد أشارت روسيا إلى اعتزامها ذلك منذ عدة أسابيع… نفس الخطاب غير المسؤول من روسيا”.
ووافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم، على تعديل ينص على إمكان توجيه ضربة نووية رداً على مجموعة أوسع من الهجمات بالأسلحة التقليدية، وقالت موسكو إن أوكرانيا استهدفت الأراضي الروسية بصواريخ أتاكمز الأمريكية الصنع.وجاء في البيان “لم نلاحظ أي تغييرات في الموقف النووي الروسي، ولم نر أي سبب لتعديل موقفنا أو عقيدتنا النووية رداً على تصريحات روسيا اليوم”.
وأشار البيان أيضاً إلى استعانة روسيا بقوات من كوريا الشمالية في أوكرانيا، وهو ما وصفه بالتصعيد الكبير.
وجاء في البيان “لم نلاحظ أي تغييرات في الموقف النووي الروسي، ولم نر أي سبب لتعديل موقفنا أو عقيدتنا النووية رداً على تصريحات روسيا اليوم”.
وأشار البيان أيضاً إلى استعانة روسيا بقوات من كوريا الشمالية في أوكرانيا، وهو ما وصفه بالتصعيد الكبير.
قرار بايدن
وكان الكرملين وصف، الاثنين، قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا بإطلاق صواريخ أميركية على عمق روسيا، بأنه “متهور”، وحذر من أن موسكو سترد.
وحذرت روسيا، التي بدأت غزوها الشامل لأوكرانيا قبل ألف يوم، مراراً من أن الغرب يلعب بالنار من خلال محاولة استكشاف حدود ما قد تتساهل معه أو لا تتساهل معه قوة نووية.
وفي سبتمبر، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن موافقة الغرب على استخدام كييف للصواريخ بعيدة المدى تعني “التورط المباشر لدول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية في الحرب في أوكرانيا” لأن تحديد الأهداف وإطلاق الصواريخ لن يتم إلا من خلال استخدام البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي ومشاركة عسكريين بالحلف.
وجاء قرار بايدن بعد مناشدات على مدى أشهر من قبل الرئيس فولوديمير زيلينسكي للسماح للجيش الأوكراني باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب الأهداف العسكرية الروسية خارج حدودها أوكرانيا.
وقالت مصادر إن قرار الولايات المتحدة جاء إلى حد كبير رداً على نشر روسيا لقوات برية من كوريا الشمالية لتعزيز قواتها، وهو التطور الذي أثار القلق في واشنطن وكييف.
وتصف روسيا حربها في أوكرانيا بأنها عملية عسكرية خاصة، في حين تصفها كييف وحلفاؤها الغربيون بأنها استيلاء استعماري غير مبرر على الأراضي.
تقدم روسي سريع
وتسيطر القوات الروسية على حوالي خمس الأراضي الأوكرانية وتقدمت مؤخرا بسرعة. ولقي الآلاف من الناس حتفهم في الحرب، الغالبية العظمى منهم من الأوكرانيين.
وقبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، أمر بوتين بإجراء تعديلات على العقيدة النووية ليقول إن أي هجوم تقليدي على روسيا بمساعدة قوة نووية يمكن اعتباره هجوماً مشتركاً على روسيا.
ووصف محللون غربيون التعديلات بأنها تصعيد في محاولات موسكو لثني الغرب عن توسيع مساعداته العسكرية لأوكرانيا.
وتسببت الحرب في أوكرانيا في أسوأ أزمة في علاقات موسكو مع الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وقال بيسكوف لوكالة تاس للأنباء الثلاثاء، إن موسكو مستعدة لتطبيع علاقاتها مع واشنطن، وتابع: “لكننا لا نستطيع أن نرقص التانجو بمفردنا.. ولن نفعل ذلك”.
“تصريح انتحاري لنظام زيلينسكي”
من جانبه، شدد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا على أن أهداف “العملية الخاصة الروسية” في أوكرانيا ستتحقق في كل الأحوال.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية، الثلاثاء، عن نيبينزيا قوله خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي: “سوف تتحقق أهدافها (العملية الخاصة) في كل الأحوال، دبلوماسياً أو عسكرياً، بغض النظر عن أي خطط ومخططات سلام يجري وضعها في الغرب لصالح إنقاذ الممثل المسرحي (فلاديمير) زيلينسكي وزمرته”.
وأضاف: “بغض النظر عن الحماسة العسكرية للإدارة الديمقراطية، التي بعد أن خسرت الانتخابات الرئاسية (الأميركية) بأغلبية ساحقة وفقدت ثقة غالبية شعبها، فإنها تعطي، وفقاً لتقارير إعلامية، تصريحاً انتحارياً لنظام زيلينسكي، باستخدام أسلحة بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية”.
وقال إن أي سلاح غربي جديد لن يساعد أوكرانيا على تجنب الهزيمة في ساحة المعركة.
وأعرب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة عن اندهاشه مما وصفه بـ”قِصَرِ النظر السياسي للقادة البريطانيين والفرنسيين، الذين يسارعون إلى مجاراة الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، ولا يجرون بلادهم فحسب، بل أوروبا بأكملها إلى تصعيد واسع النطاق ذي عواقب وخيمة”.
وحث نيبينزيا الغربيين على التفكير ملياً في تصرفاتهم “قبل فوات الأوان”، وتابع: “ننصحكم بأن تنسوا محاولات هزيمة روسيا في ساحة المعركة، لقد حاولت أوروبا القيام بذلك أكثر من مرة، وكيف كانت النتيجة في كل مرة معروفة جيداً”.
كيف تؤثر الصواريخ بعيدة المدى على حرب أوكرانيا؟
من جهته قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أمريكية قوية لضرب أهداف داخل روسيا، يمكن أن يجعل مئات المنشآت العسكرية للكرملين في مرمى الضربات، وفقا لمحللين ومسؤول تحدثوا لصحيفة “تايمز” البريطانية.
وكان البيت الأبيض قد منح أوكرانيا في السابق إذناً باستخدام أنظمة صواريخ تكتيكية للجيش ضد القوات الروسية على طول حدودها بالقرب من خاركيف ثاني مدنها الاستراتيجية.
ومع ذلك، ظلت حذرة بشأن فرض عقوبات على استخدامها ضد أهداف أخرى داخل روسيا، بسبب مخاوف من أن تؤدي هذه الخطوة إلى صراع مباشر بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وموسكو.
أوكرانيا المُقيّدة
جاء قرار بايدن، الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ التوترات بين موسكو وواشنطن، بعد أكثر من عام من النداءات اليائسة من كييف. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد قال إن أوكرانيا مجبرة على محاربة روسيا المسلحة نووياً “بيد واحدة مقيدة خلف ظهرها”.
ويُعتقد أن بايدن، الذي يترك منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، أخبر كييف أنه يمكنها في البداية استخدام صواريخ “أتاكمز” (ATACMS)، التي يبلغ مداهاً 190 ميلاً، لضرب القوات الروسية والكورية الشمالية في منطقة كورسك بغرب روسيا.
احتلت أوكرانيا مساحات من منطقة كورسك منذ أن شنت توغلاً مفاجئاً في أغسطس (آب).
ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستسمح لأوكرانيا بضرب أهداف أخرى في مدى الصواريخ الأمريكية مثل القواعد الجوية وشركات صناعة الدفاع والمقر العسكري ومستودعات الأسلحة. وتم استخدام “أتاكمز” لأول مرة من قبل الولايات المتحدة في حرب الخليج عام 1991.
ما هي صواريخ أتاكمز؟
صواريخ “أتاكمز” هي صواريخ باليستية تكتيكية أمريكية الصنع، صممت لتوفير ضربات دقيقة بعيدة المدى على أهداف استراتيجية. يتم إطلاقها عبر منظومات راجمات الصواريخ مثل HIMARS وMLRS، وتتميز بقدرتها على استهداف مواقع حيوية على مسافات تصل إلى 300 كيلومتر، مما يجعلها فعالة ضد مراكز القيادة، البنية التحتية العسكرية، ومستودعات الذخيرة.
تعتمد هذه الصواريخ على أنظمة توجيه بالقصور الذاتي والـ”جي بي إس”، ما يمنحها دقة عالية في إصابة الأهداف.
وتشكل صواريخ “أتاكمز” إضافة نوعية للقوات الأوكرانية، حيث توفر قدرات هجومية جديدة تمكنها من استهداف العمق الروسي بشكل دقيق من دون الحاجة إلى طائرات.
تعهد ترامب بإنهاء الحرب يواجه معارضة
يوجد أيضاً عدد من المدن الروسية الكبرى في النطاق، بما في ذلك فورونيج، التي تعد موطناً لقاعدة جوية عسكرية كبرى، ونوفوروسيسك، موقع منشأة بحرية رئيسية. وقد تتعرض مصافي النفط والمصانع ومحطات الطاقة الروسية للتهديد، مما يرفع تكلفة الحرب على موسكو.
ومع ذلك، يعتقد أن الكرملين قد نقل بالفعل بعض المعدات العسكرية، مثل الطائرات المقاتلة، إلى قواعد خارج النطاق. هناك أيضاً عدم يقين بشأن عدد الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى التي تمتلكها أوكرانيا تحت تصرفها.
وقال وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرجيس: “لن أفتح الشمبانيا بعد لأننا لا نعرف العدد الفعلي لعدد الصواريخ التي تمتلكها أوكرانيا”.
يمكن لبريطانيا وفرنسا إخبار كييف بأن بإمكانهما استخدام صواريخ “ستورم شادو”، التي يبلغ مداها 155 ميلاً، لشن ضربات داخل روسيا.
وكان كلا البلدين مترددين في منح أوكرانيا إذناً من دون موافقة الولايات المتحدة على “أتاكمز”. وسبق أن استخدمت كييف صواريخ بريطانية لضرب منشآت بحرية روسية في شبه جزيرة القرم المحتلة.
هل تنهي الحرب؟
ويقول محللون إن الضربات على أهداف أعمق داخل روسيا من غير المرجح أن تنهي الحرب، لكنها يمكن أن تنقذ أرواح عدد لا يحصى من المدنيين الأوكرانيين من خلال جعل من الصعب على موسكو إطلاق صواريخ على البلدات والمدن.
وقال مايكل كوفمان، وهو زميل كبير في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن: “القرار يأتي متأخراً، ومثل القرارات الأخرى في هذا السياق، قد يكون الأوان قد فات لتغيير مسار القتال بشكل كبير”.
وأضاف: “كانت الضربات بعيدة المدى دائماً جزءاً من اللغز وتم شحنها بشكل مفرط مع التوقعات في هذه الحرب”.
وقالت ماريا إيونوفا، وهي نائبة أوكرانية، إنه بينما رحبت كييف بقرار بايدن، فإن الضربات بعيدة المدى لم تكن “رصاصة فضية”.
وأوضحت إيونوفا، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوكراني، أن كييف بحاجة إلى “درع جوي فوق أوكرانيا، والمزيد من التدريب، والمزيد من المدربين العسكريين الغربيين في أوكرانيا، والمزيد من العقوبات ضد موسكو”.
التطورات في الحرب الأوكرانية.. ماذا تعني لإسرائيل؟
وفي تحليل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست”، سلطت الضوء على العلاقة بين تطورات الحرب في أوكرانيا وصراعات الشرق الأوسط، حيث ترى الصحيفة تشابهًا في التعامل الغربي مع كلا النوعين من الصراعات.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أن أوكرانيا استخدمت صواريخ أميركية الصنع من طراز “أتاكمز” لاستهداف عمق الأراضي الروسية، وهي المرة الأولى التي تُستخدم فيها هذه الأسلحة بعيدة المدى ضد أهداف روسية.
تأتي هذه التطورات بعد أيام من تقارير تشير إلى أن الولايات المتحدة قد سمحت لكييف باستخدام هذه الأسلحة، ما يعكس تحوّلًا كبيرًا في السياسة الغربية التي كانت تتجنب التصعيد المباشر في الصراع الأوكراني.
ترى الصحيفة أن التصعيد الأخير في الحرب الأوكرانية، مع استخدام أوكرانيا لأول مرة لصواريخ “أتاكمز” ضد أهداف روسية، يشير إلى تحول في السياسة الغربية التي كانت تهدف إلى تقييد استخدام الأسلحة ذات المدى الطويل من قبل كييف، تجنبًا لتوسيع نطاق الصراع إلى مواجهة شاملة مع روسيا.
الصحيفة تشير إلى أن هذه السياسة الغربية في إدارة الصراعات، التي تتمثل في تجنب التصعيد المباشر، قد تكون لها آثار غير مرغوب فيها.
وتقول “فكما نرى في الشرق الأوسط، حيث الصراعات الإقليمية مع إيران وحزب الله وحركة حماس تتطور في إطار مشابه، يتم تقييد المواجهات بين الدول الغربية وأعدائها، ما يؤدي في النهاية إلى إطالة أمد الحرب وتوسيع دائرة المواجهة بشكل غير مباشر”.
من الناحية الاستراتيجية، اعتبرت الصحيفة هذه “الإدارة الجزئية” للصراعات مشكلة كبيرة، فحينما يتغير شيء ما في الميدان، مثل السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أكثر دقة وبعيدة المدى، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى رد فعل موسكو، التي ستعتبر ذلك سببًا مشروعًا للتصعيد.
وتوضح “جيروزاليم بوست” أنه مع السماح لأوكرانيا باستخدام هذه الأسلحة، يُمنح روسيا “حق الرد”، وهو ما قد يفتح الباب أمام مزيد من الهجمات المتبادلة.
الصحيفة أيضًا تلفت إلى أن تداعيات الحرب في أوكرانيا تتجاوز حدودها الجغرافية، إذ يعزز الصراع التحالفات بين روسيا وإيران، ويزيد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وذهب التحليل إلى أن موسكو تستفيد من استمرار النزاع الأوكراني في تشتيت انتباه الغرب عن تحركاتها بالشرق الأوسط، في وقت تزداد فيه قدرتها على دعم حلفائها مثل إيران وحزب الله.
وتتساءل الصحيفة عن تأثير هذه التطورات على الصراعات الأخرى في الشرق الأوسط، محذرة من أن تطور الحرب في أوكرانيا قد يساهم في زيادة التوترات الإقليمية، ويعطي دفعة لحلفاء روسيا وإيران في المنطقة، ما يزيد من تعقيد الوضع العالمي.
الحلول “الترامبية” المنتظرة
ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، فوزه بالانتخابات الرئاسية على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تهاوى نجم الرئيس الحالي جو بايدن، وفقدت قراراته وإدارته بريقها وأهميتها، أمام كاريزما ووعود خليفته ترامب.
فوز ترامب يحظى بتفاؤل ويلقى ترحيباً واسعاً على حساب سلفه، ومرد ذلك زيادة دوائر الأزمات والصراعات المسلحة، ما جعل وجود ترامب في البيت الأبيض مرة ثانية، بمثابة الخلاص من نيران وظلام الحروب، لا سيما أنه- خلال مؤتمراته الانتخابية- قطع على نفسه وعوداً بأنه حال الفوز بالرئاسة على هاريس سيكون قادراً على إسكات آلة الحرب في أوروبا والشرق الأوسط.
الوعد “الترامبي” ينتظره الجميع للخلاص من جحيم حرب دخلت عامها الثاني في قطاع غزة، تسبقها حرب ضروس بين روسيا وأوكرانيا، يقف وراءها الغرب وأمريكا داعمين لكييف في صراعها مع موسكو، فيما اندلع مؤخراً في جنوب لبنان صراع جديد على وقع الأزمة في غزة، واستدعى القصف المتبادل بين ميليشيا حزب الله والجيش الإسرائيلي، جر إيران لمساندة تابعها “حزب الله” ومؤازرة باقي وكلائها بالمنطقة، ووصل الأمر للقصف الصاروخي المباشر بين طهران وتل أبيب .
بينما يراقب العالم ما يشهده الشرق الأوسط وأوروبا من أزمات متفاقمة سياسياً وعسكرياً وإنسانياً، راح الرئيس الأمريكي بايدن ينفخ في النار لتأجيج الحرب الأوكرانية، معلناً موافقة واشنطن على استخدام كييف الصواريخ الباليستية بعيدة المدى خارج حدود أوكرانيا، ما يعني أن أمريكا توافق على قصف أوكرانيا للعمق الروسي.
قرار بايدن قوبل باعتراض من قادة دول أوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا، وموافقة باريسية، لكنه بكل الأحوال يغير مسار الأحداث ويزيد من فرص انتقال الحرب الروسية الأوكرانية إلى مستوى آخر، يصعّب مستقبلاً مهمة التوصل إلى تسوية أو حتى تجميد للوضع الراهن.
الملفات التي تنتظر ترامب في البيت الأبيض تمر بمتغيرات مستمرة وسريعة، لا سيما العلاقات بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، فالتقارب الحاصل مؤخراً بين هذا الثلاثي.. شوكة في ظهر الولايات المتحدة تقوض نفوذها وتزعزع مصالحها، خاصة أن بيونغ يانغ لم تتوقف عن رسائلها عبر إجراء تجارب صاروخية بشكل يهدد جارتها الجنوبية ويستفز طوكيو، وبالأساس يسبب إزعاجاً كبيراً لأمريكا.
الوضع في شرق آسيا يمثل أهمية قصوى للولايات المتحدة، ولا يقل خطورة عن الحال بمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة للمصالح الأمريكية، فالشرق الآسيوي يهيمن عليه النفوذ الصيني، ويعيش بوادر أزمات تغذيها أمريكا، أبرزها مضيق تايوان، والتوتر بين الكوريتين، والصين مع الفلبين، هذا الملف يضع عبئاً جديداً على ترامب، ويفرض عليه ضرورة التوازن بين مصالحه وحلفائه، والحفاظ على عدم الانزلاق إلى هاوية حرب جديدة.
ملفات دولية عديدة مفتوحة تنتظر تنصيب ترامب رسمياً منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، تضاف إليها تحديات داخلية تواجهه بعد انتصاره على الديمقراطيين، إذ بدأ ترامب معاركه مبكراً بتشكيل فريق يتضمن شخصيات ذات آراء متشددة وخلفيات مثيرة للجدل، ما يجعل العالم بأزماته وصراعاته، وأيضاً المجتمع الأمريكي بمشكلاته رهناً للحلول الترامبية المنتظرة.